للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَهُ فِي سِرِّهِمْ وَعَلَانِيَتِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَعْتَقِدُ فِي خَبَرِهِ وَأَمْرِهِ مَا يُنَاقِضُ ظَاهِرَ مَا بَيَّنَهُ لَهُمْ وَدَلَّهُمْ عَلَيْهِ وَأَرْشَدَهُمْ إلَيْهِ وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ تَأَوَّلَ شَيْئًا مِنْ نُصُوصِهِ عَلَى خِلَافِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ لَا فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ اللَّهُ عَنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَلَا فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ عَمَّا بَعْدَ الْمَوْتِ وَأَنَّ مَا ظَهَرَ مِنْ هَذَا مَا ظَهَرَ إلَّا مِمَّنْ هُوَ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ وَالِاتِّحَادِ كَالْقَرَامِطَةِ وَالْفَلَاسِفَةِ وَالْجَهْمِيَّة نفاة حَقَائِقِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ. وَمِنْ تَمَامِ هَذَا أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخُصَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ بِخِطَابِ فِي عِلْمِ الدِّينِ قَصَدَ كِتْمَانَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَلَكِنْ كَانَ قَدْ يَسْأَلُ الرَّجُلَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ جَوَابُهَا؛ فَيُجِيبُهُ بِمَا يَنْفَعُهُ {كَالْأَعْرَابِيِّ الَّذِي سَأَلَهُ عَنْ السَّاعَةِ وَالسَّاعَةُ لَا يُعْلَمُ مَتَى هِيَ؟ فَقَالَ: مَا أَعْدَدْت لَهَا؟ فَقَالَ مَا أَعْدَدْت لَهَا مِنْ كَثِيرِ عَمَلٍ؛ وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَالَ: الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ} فَأَجَابَهُ بِالْمَقْصُودِ مِنْ عِلْمِهِ بِالسَّاعَةِ وَلَمْ يَكُنْ يُخَاطِبُ أَصْحَابَهُ بِخِطَابِ لَا يَفْهَمُونَهُ؛ بَلْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَكْمَلَ فَهْمًا لِكَلَامِهِ مِنْ بَعْضٍ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {إنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَاخْتَارَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مَا عِنْدَ اللَّهِ؛ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: بَلْ نَفْدِيك بِأَنْفُسِنَا وَأَمْوَالِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَجَعَلَ النَّاسُ يَعْجَبُونَ