للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْفَلَاسِفَةِ نفاة الصِّفَاتِ وَهَذَا تَحْرِيفٌ ظَاهِرٌ فَإِنَّ قَوْلَ عَلِيٍّ: أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقْوَالُ الْنُّفَاةِ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ وَالْجَهْمِيَّة وَالْقَرَامِطَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ لَمْ يَنْقُلْ فِيهَا مُسْلِمٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا لَا صَحِيحًا وَلَا ضَعِيفًا فَكَيْفَ يُكَذَّبُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِي شَيْءٍ لَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ؟ بِخِلَافِ مَا رَوَاهُ أَهْلُ الْإِثْبَاتِ مِنْ أَحَادِيثِ صِفَاتِ الرَّبِّ وَمَلَائِكَتِهِ وَجَنَّتِهِ وَنَارِهِ فَإِنَّ هَذَا كَثِيرٌ مَشْهُورٌ قَدْ لَا تَحْتَمِلُهُ عُقُولُ بَعْضِ النَّاسِ فَإِذَا حَدَّثَ بِهِ خِيفَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: " مَا مِنْ رَجُلٍ يُحَدِّثُ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إلَّا كَانَ فِتْنَةً لِبَعْضِهِمْ " وَابْنُ مَسْعُودٍ فِيمَا يَقُولُ ذَاكِرًا أَوْ آمِرًا مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ إثْبَاتًا لِلصِّفَاتِ وَأَرْوَاهُمْ لِأَحَادِيثِهَا وَأَصْحَابُهُ مِنْ أَجَلِّ التَّابِعِينَ وَأَبْلَغِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ وَكَذَلِكَ أَصْحَابُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ الصَّحَابَةِ أَعْلَمَ كَانَ إثْبَاتُهُ وَإِثْبَاتُ أَصْحَابِهِ أَبْلَغَ فَعُلِمَ أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَكُونُوا يُبْطِنُونَ خِلَافَ مَا يُظْهِرُونَ وَلَا يُظْهِرُونَ الْإِثْبَاتَ وَيُبْطِنُونَ النَّفْيَ وَلَا يُظْهِرُونَ الْأَمْرَ وَيُبْطِنُونَ امْتِنَاعَهُ؛ بَلْ هُمْ أَقْوَمُ النَّاسِ بِتَصْدِيقِ الرَّسُولِ فِيمَا أَخْبَرَ وَطَاعَتِهِ فِيمَا أَمَرَ. وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ دَخَلَ فِيهِ مِنْ الْأُمُورِ مَا لَا يَتَّسِعُ هَذَا الْمَوْضِعُ