للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَامِدَةً لَا تَلِينُ لِلْحَقِّ اعْتِرَافًا وَإِذْعَانًا أَوْ لَا تَكُونُ يَابِسَةً جَامِدَةً. ف " الْأَوَّلُ " هُوَ الْقَاسِي وَهُوَ الْجَامِدُ الْيَابِسُ بِمَنْزِلَةِ الْحَجَرِ لَا يَنْطَبِعُ وَلَا يُكْتَبُ فِيهِ الْإِيمَانُ وَلَا يَرْتَسِمُ فِيهِ الْعِلْمُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَدْعِي مَحَلًّا لَيِّنًا قَابِلًا. و " الثَّانِي " لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ ثَابِتًا فِيهِ لَا يَزُولُ عَنْهُ لِقُوَّتِهِ مَعَ لِينِهِ أَوْ يَكُونَ لِينُهُ مَعَ ضَعْفٍ وَانْحِلَالٍ. فَالثَّانِي هُوَ الَّذِي فِيهِ مَرَضٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْقَوِيُّ اللَّيِّنُ. وَذَلِكَ أَنَّ الْقَلْبَ بِمَنْزِلَةِ أَعْضَاءِ الْجَسَدِ كَالْيَدِ مَثَلًا فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ جَامِدَةً يَابِسَةً لَا تَلْتَوِي وَلَا تَبْطِشُ أَوْ تَبْطِشُ بِعُنْفِ فَذَلِكَ مِثْلُ الْقَلْبِ الْقَاسِي أَوْ تَكُونَ ضَعِيفَةً مَرِيضَةً عَاجِزَةً لِضَعْفِهَا وَمَرَضِهَا فَذَلِكَ مِثْلُ الَّذِي فِيهِ مَرَضٌ أَوْ تَكُونَ بَاطِشَةً بِقُوَّةِ وَلِينٍ فَهُوَ مِثْلُ الْقَلْبِ الْعَلِيمِ الرَّحِيمِ فَبِالرَّحْمَةِ خَرَجَ عَنْ الْقَسْوَةِ وَبِالْعِلْمِ خَرَجَ عَنْ الْمَرَضِ؛ فَإِنَّ الْمَرَضَ مِنْ الشُّكُوكِ وَالشُّبُهَاتِ. وَلِهَذَا وُصِفَ مَنْ عَدَا هَؤُلَاءِ بِالْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِخْبَاتِ. وَفِي قَوْلِهِ: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ يَدُلُّ عَلَى الْإِيمَانِ لَيْسَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ