للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَيْضًا فَإِذَا كَانَ آدَمَ كَالْمِرْآةِ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَى ذَاتِهِ الْمُقَدَّسَةِ فِيهَا: لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الظَّاهِرُ فِي آدَمَ هُوَ مِثَالُ ذَاتِهِ لَا أَنَّ آدَمَ هُوَ ذَاتُهُ وَلَا مِثَالَ ذَاتِهِ وَلَا كَذَاتِهِ. وَحِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّ آدَمَ يَعْرِفُ اللَّهَ تَعَالَى: فَيَرَى مِثَالَ ذَاتِهِ الْعِلْمِيَّ فِي آدَمَ. فَالرَّبُّ تَعَالَى يَعْرِفُ نَفْسَهُ فَكَانَ الْمِثَالُ الْعِلْمِيُّ إذَا أَمْكَنَ رُؤْيَتَهُ كَانَتْ رُؤْيَتُهُ لِلْعِلْمِ الْمُطَابِقِ لَهُ الْقَائِمِ بِذَاتِهِ أَوْلَى مِنْ رُؤْيَتِهِ لِلْعِلْمِ الْقَائِمِ بِآدَمَ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ آدَمَ نَفْسَهُ مِثَالٌ لِلَّهِ: فَلَا يَكُونُ آدَمَ هُوَ الْمِرْآةُ؛ بَلْ يَكُونُ هُوَ كَالْمِثَالِ الَّذِي فِي الْمِرْآةِ. وَأَيْضًا فَتَخْصِيصُ الْمَسِيحِ بِكَوْنِهِ ذَلِكَ النُّورَ: هُوَ قَوْلُ النَّصَارَى الَّذِينَ يَخُصُّونَهُ بِأَنَّهُ اللَّهُ أَوْ ابْنُ اللَّهِ وَهَؤُلَاءِ الِاتِّحَادِيَّةُ ضَمُّوا إلَى قَوْلِ النَّصَارَى قَوْلَهُمْ بِعُمُومِ الِاتِّحَادِ حَيْثُ جَعَلُوا فِي غَيْرِ الْمَسِيحِ مِنْ جِنْسِ مَا تَقُولُهُ النَّصَارَى فِي الْمَسِيحِ.

وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْفَارِضِ: وَشَاهِدْ إذَا اسْتَجْلَيْت ذَاتَك مَنْ تَرَى بِغَيْرِ مِرَاءٍ فِي الْمِرْآةِ الصَّقِيلَةِ أَغَيْرُك فِيهَا لَاحَ أَمْ أَنْتَ نَاظِرٌ إلَيْك بِهَا عِنْدَ انْعِكَاسِ الْأَشِعَّةِ؟ فَهَذَا تَمْثِيلٌ فَاسِدٌ وَذَلِكَ أَنَّ النَّاظِرَ فِي الْمِرْآةِ يَرَى مِثَالَ نَفْسِهِ فَيَرَى نَفْسَهُ بِوَاسِطَةِ الْمِرْآةِ لَا يَرَى نَفْسَهُ بِلَا وَاسِطَةٍ فَقَوْلُهُمْ بِوَحْدَةِ الْوُجُودِ بَاطِلٌ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ لَيْسَ هَذَا مُطَابِقًا لَهُ.