للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَهْمٍ لِمَعَانِيهِ وَلَا مَعْرِفَةٍ لِلْمَقَالَاتِ الَّتِي تُوَافِقُهُ أَوْ تُخَالِفُهُ وَوَجْهِ بَيَانِهِ لِمَسَائِلِهَا وَدَلَائِلِهَا وَهُمْ ظَاهِرِيَّةُ الْقُرَّاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَنَحْوِهِمْ وَهَذَانِ الصِّنْفَانِ نَظِيرُ مُتَفَقِّهٍ لَا يَعْرِفُ الْحَدِيثَ أَوْ صَاحِبِ حَدِيثٍ لَا يَتَفَقَّهُ فِيهِ. وَكَذَلِكَ مُتَكَلِّمٌ لَا يَتَدَبَّرُ الْقُرْآنَ أَوْ قَارِئٌ لَا يَعْرِفُ مِنْ الْقُرْآنِ أَنْوَاعَ الْكَلَامِ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ فَهَاتَانِ فِرْقَتَانِ عِلْمِيَّتَانِ. و " الثَّالِثَةُ " قَوْمٌ تَرَكُوا اسْتِمَاعَ الْقُلُوبِ لَهُ وَالتَّنَعُّمَ بِهِ وَتَحَرُّكَ الْقَلْبِ عَنْ مُحَرِّكَاتِهِ وَذَوْقَ حَلَاوَتِهِ وَوُجُودَ طَعْمِهِ إلَى سَمَاعِ أَصْوَاتٍ غَيْرِهِ مِنْ شِعْرٍ أَوْ مَلَاهِي مِنْ أَصْوَاتِ الصَّابِئَةِ أَوْ النَّصَارَى أَوْ مَا هُوَ مُوَلَّدٌ عَنْ ذَلِكَ وَمُجَانِسٌ لَهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَهُمْ مُنْحَرِفَةُ الْمُتَصَوِّفَةِ وَالْمُتَفَقِّرَةِ. وَبِإِزَائِهِمْ قَوْمٌ يُصَوِّتُونَ بِهِ وَيَسْمَعُونَ قِرَاءَتَهُ مِنْ غَيْرِ تَحَرُّكٍ عَنْهُ وَلَا وَجْدٍ فِيهِ وَلَا ذَوْقٍ لِحَقَائِقِهِ وَمَعَانِيهِ وَهُمْ ظَاهِرِيَّةُ الْعُبَّادِ وَالْمُتَطَوِّعَةُ وَالْمُتَقَرِّئَةُ. فَهَذَانِ الصِّنْفَانِ صَاحِبُ حَالٍ تُحَرِّكُ الْأَصْوَاتُ حَالَهُ وَلَيْسَتْ تِلْكَ الْحَرَكَةُ وَالْحَالُ عَنْ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ وَصَاحِبُ مَقَالٍ يُمَيِّزُ بَيْنَ الْأَقْوَالِ وَيَنْظُرُ فِيهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ النَّظَرُ وَالْمَقَالُ عَنْ الْقُرْآنِ وَبِإِزَائِهِمَا صَاحِبُ عِبَادَةٍ ظَاهِرَةٍ مَعَهُ اسْتِمَاعُ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَتِلَاوَتُهُ وَصَاحِبُ عِلْمٍ ظَاهِرٍ مَعَهُ حِفْظُ حُرُوفِ الْقُرْآنِ أَوْ تَفْسِيرُ حُرُوفِهِ مِنْ غَرِيبِهِ وَإِعْرَابِهِ وَأَسْبَابِ نُزُولِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ الَّذِينَ وَقَفُوا مَعَ ظَاهِرِ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ الْمَشْرُوعَيْنِ وَاَلَّذِينَ خَاضُوا فِي بَاطِنِ الْعِلْمِ