للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَدَمَ الصِّحَّةِ؛ وَلِهَذَا {كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ فِي خُطْبَةِ الْحَاجَةِ أَنْ يَقُولُوا: وَنَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا} فَيَسْتَعِيذُ مِنْ شَرِّ النَّفْسِ الَّذِي نَشَأَ عَنْهَا مِنْ ذُنُوبِهَا وَخَطَايَاهَا وَيَسْتَعِيذُ مِنْ سَيِّئَاتِ الْأَعْمَالِ الَّتِي هِيَ عُقُوبَاتُهَا وَآلَامُهَا؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ: {وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا} قَدْ يُرَادُ بِهِ السَّيِّئَاتُ فِي الْأَعْمَالِ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ الْعُقُوبَاتُ؛ فَإِنَّ لَفْظَ السَّيِّئَاتِ فِي كِتَابِ اللَّهِ يُرَادُ بِهِ مَا يَسُوءُ الْإِنْسَانَ مِنْ الشَّرِّ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ الْأَعْمَالُ السَّيِّئَةُ قَالَ تَعَالَى: {إنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ} . وَمَعْلُومٌ أَنَّ شَرَّ النَّفْسِ هُوَ الْأَعْمَالُ السَّيِّئَةُ فَتَكُونُ سَيِّئَاتُ الْأَعْمَالِ هِيَ الشَّرُّ وَالْعُقُوبَاتُ الْحَاصِلَةُ بِهَا فَيَكُونُ مُسْتَعِيذًا مِنْ نَوْعَيْ السَّيِّئَاتِ: الْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ وَعُقُوبَاتِهَا كَمَا فِي الِاسْتِعَاذَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي الصَّلَاةِ: {أَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ} فَأَمَرَنَا بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ الْعَذَابِ عَذَابِ الْآخِرَةِ وَعَذَابِ الْبَرْزَخِ وَمِنْ سَبَبِ الْعَذَابِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَفِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَذَكَرَ الْفِتْنَةَ الْخَاصَّةَ بَعْدَ الْفِتْنَةِ الْعَامَّةِ فِتْنَةِ الْمَسِيح الدَّجَّالِ فَإِنَّهَا أَعْظَمُ الْفِتَنِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {مَا مِنْ خَلْقِ آدَمَ إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ فِتْنَةٍ أَعْظَمَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ} .