للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْغَائِبِ لِلْغَائِبِ؛ فَإِنَّ الْمَلَكَ يَقُولُ هُنَاكَ: وَلَك بِمِثْلِهِ فَيَدْعُو لَهُ الْمَلَكُ بِمِثْلِ مَا دَعَا بِهِ لِلْغَائِبِ وَهُنَا هُوَ دَاعٍ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ. وَبَيَانُ هَذَا أَنَّ الشَّرْعَ وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَقَرَّ بِمَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِهِ عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ الرَّسُولَ يَضَعُ عَنْ أُمَّتِهِ إصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ وَسَأَلَ رَبَّهُ لِأُمَّتِهِ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَجْتَاحُهُمْ فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ؛ لَكِنَّ ثُبُوتَ هَذَا الْحُكْمِ فِي حَقِّ آحَادِ الْأُمَّةِ قَدْ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا عَصَى اللَّهَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْعَاصِي عُوقِبَ عَنْ ذَلِكَ بِسَلْبِ هَذِهِ النِّعْمَةِ وَإِنْ كَانَتْ الشَّرِيعَةُ لَمْ تُنْسَخُ. يُبَيِّنُ هَذَا أَنَّ فِي هَذَا الدُّعَاءِ سُؤَالَ اللَّهِ بِالْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالنَّصْرِ عَلَى الْكُفَّارِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ حَاصِلًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْأُمَّةِ بَلْ مِنْهُمْ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ وَمِنْهُمْ مَنْ يُنْصَرُ عَلَيْهِ الْكُفَّارُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُسْلَبُ الرِّزْقَ لِكَوْنِهِمْ فَرَّطُوا فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَيُسْلَبُونَ ذَلِكَ بِقَدْرِ مَا فَرَّطُوا أَوْ قَصَّرُوا وَقَوْلُ اللَّهِ: " قَدْ فَعَلْت " يُقَالُ فِيهِ شَيْئَانِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ الْمَذْكُورِينَ فِي الْآيَةِ وَالْإِيمَانُ الْمُطْلَقُ يَتَضَمَّنُ طَاعَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. فَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ نَقَصَ