للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ الِاخْتِلَافِ وَالْقِتَالِ وَالذُّنُوبِ دَلِيلًا عَلَى نَقْصِهَا؛ بَلْ هِيَ أَفْضَلُ الْأُمَمِ وَهَذَا الْوَاقِعُ بَيْنَهُمْ مِنْ لَوَازِمِ الْبَشَرِيَّةِ وَهُوَ فِي غَيْرِهَا أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ وَخَيْرُ غَيْرِهَا أَقَلُّ وَالْخَيْرُ فِيهَا أَكْثَرُ وَالشَّرُّ فِيهَا أَقَلُّ فَكُلُّ خَيْرٍ فِي غَيْرِهَا فَهُوَ فِيهَا أَعْظَمُ وَكُلُّ شَرٍّ فِيهَا فَهُوَ فِي غَيْرِهَا أَعْظَمُ. وَأَمَّا حُصُولُ الْمَطْلُوبِ لِلْآحَادِ مِنْهَا فَلَا يَلْزَمُ حُصُولُهُ لِكُلِّ عَاصٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ بِالْوَاجِبِ وَلَكِنْ قَدْ يَحْصُلُ لِلْعَاصِي مِنْ ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا مَعَهُ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَمَّا حُصُولُ الْمَغْفِرَةِ وَالْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ بِحَسَبِ الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْأَحْكَامِ الْقَدَرِيَّةِ الْخِلْقِيَّةِ مِنْ جِنْسِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَهَذَا يَتَنَوَّعُ بِتَنَوُّعِ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ. وَأَمَّا دَفْعُ الْمُؤَاخَذَةِ بِالْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَدَفْعُ الْآصَارِ فَإِنَّ هَذَا قَدْ يُشْكِلُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ أَحْكَامِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. فَيُقَالُ: الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ الْمَرْفُوعُ عَنْ الْأُمَّةِ مَرْفُوعٌ عَنْ عُصَاةِ الْأُمَّةِ؛ فَإِنَّ الْعَاصِيَ لَا يَأْثَمُ بِالْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ؛ فَإِنَّهُ إذَا أَكَلَ نَاسِيًا أَتَمَّ صَوْمَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُطِيعًا فِي غَيْرِ ذَلِكَ أَوْ عَاصِيًا فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُشْكِلُ وَعَنْهُ جَوَابَانِ. (أَحَدُهُمَا أَنَّ الذُّنُوبَ وَالْمَعَاصِيَ قَدْ تَكُونُ سَبَبًا لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْحَنِيفِيَّةِ