للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِخِلَافِ كَوْنِهِ شَهِيدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ؛ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يُعْلَمُ بِالنَّصِّ وَالِاسْتِدْلَالِ فَيُنْظَرُ هَلْ شَهِدَ اللَّهُ بِصَدْقِهِ وَكَذِبِهِمْ فِي تَكْذِيبِهِ؟ أَمْ شَهِدَ بِكَذِبِهِ وَصِدْقِهِمْ فِي تَكْذِيبِهِ؟ وَإِذَا نَظَرَ فِي ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ شَهِدَ بِصِدْقِهِ وَكَذِبِهِمْ بِالنَّوْعَيْنِ مِنْ الْآيَاتِ: بِكَلَامِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ وَبِمَا بَيَّنَ أَنَّهُ رَسُولٌ صَادِقٌ. وَلِهَذَا أَعْقَبَهُ بِقَوْلِهِ: {وَأُوحِيَ إلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} فَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ فِيهِ الْإِنْذَارُ وَهُوَ آيَةٌ شَهِدَ بِهَا أَنَّهُ صَادِقٌ وَبِالْآيَاتِ الَّتِي يُظْهِرُهَا فِي الْآفَاقِ وَفِي الْأَنْفُسِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ. وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا} وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} . فَذَكَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ شَهِيدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَلَمْ يَقُلْ: شَاهِدٌ عَلَيْنَا وَلَا شَاهِدٌ لِي؛ لِأَنَّهُ ضَمَّنَ الشَّهَادَةَ الْحُكْمَ فَهُوَ شَهِيدٌ يَحْكُمُ بِشَهَادَتِهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَالْحُكْمُ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى مُجَرَّدِ الشَّهَادَةِ؛ فَإِنَّ الشَّاهِدَ قَدْ يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ. وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِالْحَقِّ لِلْمُحِقِّ عَلَى الْمُبْطِلِ وَيَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْهُ وَيُعَامِلُ الْمُحِقَّ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ وَالْمُبْطِلَ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ.