للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: " مَعَايِبُكُمْ " وَقَالَ قتادة " عَمَلُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ ". وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ عَلِيٍّ: عَمَلُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} أَيْ تُبْتَلَوْنَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَمَعْصِيَتِهِ. رَوَاهُمَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. وَعَنْ ابْنِ إسْحَاقَ قَالَ: قَالَتْ الرُّسُلُ " طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ " أَيْ أَعْمَالُكُمْ. فَقَدْ فَسَّرُوا " الطَّائِرَ " بِالْأَعْمَالِ وَجَزَائِهَا، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: إنَّمَا أَصَابَنَا مَا أَصَابَنَا مِنْ الْمَصَائِبِ بِذُنُوبِ الرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ. فَبَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: أَنَّ طَائِرَهُمْ - وَهُوَ الْأَعْمَالُ وَجَزَاؤُهَا - هُوَ عِنْدَ اللَّهِ. وَهُوَ مَعَهُمْ. فَهُوَ مَعَهُمْ لِأَنَّ أَعْمَالَهُمْ وَمَا قَدَّرَ مِنْ جَزَائِهَا مَعَهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَكُلَّ إنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} وَهُوَ مِنْ اللَّهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدَّرَ تِلْكَ الْمَصَائِبَ بِأَعْمَالِهِمْ. فَمِنْ عِنْدِهِ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَصَائِبُ. جَزَاءً عَلَى أَعْمَالِهِمْ، لَا بِسَبَبِ الرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ. وَفِي هَذَا يُقَالُ: إنَّهُمْ إنَّمَا يُجْزَوْنَ بِأَعْمَالِهِمْ، لَا بِأَعْمَالِ غَيْرِهِمْ. وَلِذَلِك قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ - لَمَّا كَانَ الْمُنَافِقُونَ وَالْكُفَّارُ وَمَنْ فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ يَقُولُ: هَذَا الَّذِي أَصَابَنَا هُوَ بِسَبَبِ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ، عُقُوبَةٌ