للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هُوَ شَيْطَانٌ تَصَوَّرَ فِي صُورَتِهِ، أَوْ قَالَ: أَنَا هُوَ، لِمَنْ لَمْ يَعْرِفْ صُورَةَ ذَلِك الْمَدْعُوِّ. وَهَذَا كَثِيرٌ يَجْرِي لِمَنْ يَدْعُو الْمَخْلُوقِينَ، مِنْ النَّصَارَى وَمِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْإِسْلَامِ يَدْعُونَهُمْ عِنْدَ قُبُورِهِمْ، أَوْ مَغِيبِهِمْ. وَيَسْتَغِيثُونَ بِهِمْ. فَيَأْتِيهِمْ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ ذَلِك الْمُسْتَغَاثُ بِهِ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ إمَّا رَاكِبًا، وَإِمَّا غَيْرَ رَاكِبٍ. فَيَعْتَقِدُ الْمُسْتَغِيثُ: أَنَّهُ ذَلِك النَّبِيَّ، أَوْ الصَّالِحَ، أَوْ أَنَّهُ سِرُّهُ، أَوْ رُوحَانِيَّتُهُ، أَوْ رَقِيقَتُهُ أَوْ الْمَعْنَى تَشَكَّلَ، أو يَقُولُ: إنَّهُ مَلَكٌ جَاءَ عَلَى صُورَتِهِ. وَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ يُغْوِيهِ، لِكَوْنِهِ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ وَدَعَا غَيْرَهُ: الْمَيِّتَ فَمَنْ دُونَهُ. فَصَارَ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِ سُلْطَانٌ بِذَلِك الشِّرْكِ. فَظَنَّ أَنَّهُ يَدْعُو النَّبِيَّ، أَوْ الصَّالِحَ، أَوْ الْمَلَكَ. وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي شَفَعَ لَهُ، أَوْ هُوَ الَّذِي أَجَابَ دَعْوَتَهُ. وَإِنَّمَا هُوَ الشَّيْطَانُ، لِيَزِيدَهُ غُلُوًّا فِي كُفْرِهِ وَضَلَالِهِ. فَكُلُّ مَنْ لَمْ يَعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُشْرِكًا عَابِدًا لِغَيْرِ اللَّهِ. وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ: عَابِدٌ لِلشَّيْطَانِ. فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ إمَّا عَابِدٌ لِلرَّحْمَنِ، وَإِمَّا عَابِدٌ لِلشَّيْطَانِ. قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} {حَتَّى إذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} {وَلَنْ