للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْبَيَانَ} وَقَالَ تَعَالَى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} وَقَالَ تَعَالَى {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} . فَفِي كُلِّ أَحَدٍ مَا يَقْتَضِي مَعْرِفَتَهُ بِالْحَقِّ وَمَحَبَّتَهُ لَهُ. وَقَدْ هَدَاهُ رَبُّهُ إلَى أَنْوَاعٍ مِنْ الْعِلْمِ يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَوَصَّلَ بِهَا إلَى سَعَادَةِ الْأُولَى وَالْآخِرَةِ. وَجَعَلَ فِي فِطْرَتِهِ مَحَبَّةً لِذَلِكَ. لَكِنْ قَدْ يُعْرِضُ الْإِنْسَانُ - بِجَاهِلِيَّتِهِ وَغَفْلَتِهِ - عَنْ طَلَبِ عِلْمِ مَا يَنْفَعُهُ. وَكَوْنُهُ لَا يَطْلُبُ ذَلِكَ وَلَا يُرِيدُهُ: أَمْرٌ عَدَمِيٌّ لَا يُضَافُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى. فَلَا يُضَافُ إلَى اللَّهِ: لَا عَدَمُ عِلْمِهِ بِالْحَقِّ وَلَا عَدَمُ إرَادَتِهِ لِلْخَيْرِ. لَكِنَّ النَّفْسَ كَمَا تَقَدَّمَ: الْإِرَادَةُ وَالْحَرَكَةُ مِنْ لَوَازِمِهَا فَإِنَّهَا حَيَّةٌ حَيَاةً طَبِيعِيَّةً؛ لَكِنَّ سَعَادَتَهَا وَنَجَاتَهَا إنَّمَا تَتَحَقَّقُ بِأَنْ تَحْيى الْحَيَاةَ النَّافِعَةَ الْكَامِلَةَ. وَكَانَ مَا لَهَا مِنْ الْحَيَاةِ الطَّبِيعِيَّةِ مُوجِبًا لِعَذَابِهَا. فَلَا هِيَ حَيَّةٌ مُتَنَعِّمَةٌ بِالْحَيَاةِ. وَلَا هِيَ مَيِّتَةٌ مُسْتَرِيحَةٌ مِنْ الْعَذَابِ. قَالَ تَعَالَى {فَذَكِّرْ إنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى} {وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى} {الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى} {ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا} فَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ. لَمَّا كَانَ فِي الدُّنْيَا: لَيْسَ بِحَيِّ الْحَيَاةَ النَّافِعَةَ الَّتِي خُلِقَ لِأَجْلِهَا.