للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} {إلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} وَلِأَنَّ صَاحِبَ السَّرَّاءِ: أَحْوَجُ إلَى الشُّكْرِ وَصَاحِبَ الضَّرَّاءِ: أَحْوَجُ إلَى الصَّبْرِ. فَإِنَّ صَبْرَ هَذَا وَشُكْرَ هَذَا: وَاجِبٌ. إذَا تَرَكَهُ اسْتَحَقَّ الْعِقَابَ. وَأَمَّا صَبْرُ صَاحِبِ السَّرَّاءِ: فَقَدْ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا إذَا كَانَ عَنْ فُضُولِ الشَّهَوَاتِ. وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا وَلَكِنْ لِإِتْيَانِهِ بِالشُّكْرِ - الَّذِي هُوَ حَسَنَاتٌ - يَغْفِرُ لَهُ مَا يَغْفِرُ مِنْ سَيِّئَاتِهِ. وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الضَّرَّاءِ: لَا يَكُونُ الشُّكْرُ فِي حَقِّهِ مُسْتَحَبًّا إذَا كَانَ شُكْرًا يَصِيرُ بِهِ مِنْ السَّابِقِينَ الْمُقَرَّبِينَ. وَقَدْ يَكُونُ تَقْصِيرُهُ فِي الشُّكْرِ: مِمَّا يَغْفِرُ لَهُ لِمَا يَأْتِي بِهِ مِنْ الصَّبْرِ. فَإِنَّ اجْتِمَاعَ الشُّكْرِ وَالصَّبْرِ جَمِيعًا: يَكُونُ مَعَ تَأَلُّمِ النَّفْسِ وَتَلَذُّذِهَا يَصْبِرُ عَلَى الْأَلَمِ وَيَشْكُرُ عَلَى النِّعَمِ. وَهَذَا حَالٌ يَعْسُرُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ. وَبَسْطُ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخِرُ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنْعِمٌ بِهَذَا كُلِّهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُظْهِرُ الْإِنْعَامَ بِهِ فِي الِابْتِدَاءِ لِأَكْثَرِ النَّاسِ. فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ. فَكُلُّ مَا يَفْعَلُهُ اللَّهُ فَهُوَ نِعْمَةٌ مِنْهُ.

وَأَمَّا ذُنُوبُ الْإِنْسَانِ: فَهِيَ مِنْ نَفْسِهِ. وَمَعَ هَذَا فَهِيَ - مَعَ