للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ الَّتِي تُصْلِحُ النَّفْسَ. فَإِنَّهَا خُلِقَتْ بِفِطْرَتِهَا تَقْتَضِي مَعْرِفَةَ اللَّهِ وَمَحَبَّتَهُ. وَقَدْ هُدِيَتْ إلَى عُلُومٍ وَأَعْمَالٍ تُعِينُهَا عَلَى ذَلِكَ. وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَإِحْسَانِهِ. لَكِنَّ النَّفْسَ الْمُذْنِبَةَ لَمَّا لَمْ يَحْصُلْ لَهَا مَنْ يُكَمِّلْهَا بَلْ حَصَلَ لَهَا مَنْ زَيَّنَ لَهَا السَّيِّئَاتِ - مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ - مَالَتْ إلَى ذَلِكَ وَفَعَلَتْ السَّيِّئَاتِ. فَكَانَ فِعْلُهَا لِلسَّيِّئَاتِ. مُرَكَّبًا مِنْ عَدَمِ مَا يَنْفَعُ وَهُوَ الْأَفْضَلُ. وَوُجُودُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَيَّرُوهَا. وَالْعَدَمُ لَا يُضَافُ إلَى اللَّهِ. وَهَؤُلَاءِ: الْقَوْلُ فِيهِمْ كَالْقَوْلِ فِيهَا: خَلَقَهُمْ لِحِكْمَةِ. فَلَمَّا كَانَ عَدَمُ مَا تَعْمَلُ بِهِ وَتَصْلُحُ: هُوَ أَحَدُ السَّبَبَيْنِ. وَكَانَ الشَّرُّ الْمَحْضُ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ: هُوَ الْعَدَمُ الْمَحْضُ وَالْعَدَمُ لَا يُضَافُ إلَى اللَّهِ. فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْئًا. وَاَللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ: كَانَتْ السَّيِّئَاتُ مِنْهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ ذَاتَهَا فِي نَفْسِهَا مُسْتَلْزِمَةٌ لِلْحَرَكَةِ الْإِرَادِيَّةِ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْهَا - مَعَ عَدَمِ مَا يُصْلِحُهَا - تِلْكَ السَّيِّئَاتِ.

وَالْعَبْدُ إذَا اعْتَرَفَ وَأَقَرَّ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ أَفْعَالِهِ كُلِّهَا فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ. إنْ اعْتَرَفَ بِهِ إقْرَارًا بِخَلْقِ اللَّهِ كُلَّ شَيْءٍ بِقُدْرَتِهِ وَنُفُوذِ مَشِيئَتِهِ وَإِقْرَارًا بِكَلِمَاتِهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ وَاعْتِرَافًا بِفَقْرِهِ وَحَاجَتِهِ إلَى اللَّهِ وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يَهْدِهِ فَهُوَ ضَالٌّ. وَإِنْ لَمْ يَتُبْ عَلَيْهِ فَهُوَ مُصِرٌّ. وَإِنْ لَمْ يَغْفِرْ لَهُ فَهُوَ هَالِكٌ: خَضَعَ لِعِزَّتِهِ وَحِكْمَتِهِ. فَهَذَا حَالُ