للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوْ بِأَنْ لَا تَقُومَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ. وَهُوَ كَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَشْتَغِلُ بِمَا يَنْفَعُهُ بَلْ بِمَا هُوَ سَبَبٌ لِضَرَرِهِ وَلَكِنْ لَا يَكْتُبُ عَلَيْهِ قَلَمٌ الْإِثْمَ حَتَّى يَبْلُغَ. فَإِذَا بَلَغَ عُوقِبَ. ثُمَّ مَا تَعَوَّدَهُ مِنْ فِعْلِ السَّيِّئَاتِ: قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِمَعْصِيَتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَهُوَ لَمْ يُعَاقَبْ إلَّا عَلَى ذَنْبِهِ. وَلَكِنَّ الْعُقُوبَةَ الْمَعْرُوفَةَ: إنَّمَا يَسْتَحِقُّهَا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا اشْتِغَالُهُ بِالسَّيِّئَاتِ: فَهُوَ عُقُوبَةُ عَدَمِ عَمَلِهِ لِلْحَسَنَاتِ. وَعَلَى هَذَا: فَالشَّرُّ لَيْسَ إلَى اللَّهِ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ. فَإِنَّهُ - وَإِنْ كَانَ اللَّهُ خَالِقَ أَفْعَالِ الْعِبَادِ - فَخَلْقُهُ لِلطَّاعَاتِ: نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَخَلْقُهُ لِلسَّيِّئَاتِ: لَهُ فِيهِ حِكْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَهُوَ - مَعَ هَذَا - عَدْلٌ مِنْهُ فَمَا ظَلَمَ النَّاسَ شَيْئًا. وَلَكِنَّ النَّاسَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ. وَظُلْمُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ نَوْعَانِ: عَدَمُ عَمَلِهِمْ بِالْحَسَنَاتِ. فَهَذَا لَيْسَ مُضَافًا إلَيْهِ. وَعَمَلُهُمْ لِلسَّيِّئَاتِ: خَلَقَهُ عُقُوبَةً لَهُمْ عَلَى تَرْكِ فِعْلِ الْحَسَنَاتِ الَّتِي خَلَقَهُمْ لَهَا وَأَمَرَهُمْ بِهَا. فَكُلُّ نِعْمَةٍ مِنْهُ فَضْلٌ. وَكُلُّ نِقْمَةٍ مِنْهُ عَدْلٌ.