للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْفَقِيرُ الَّذِي قَالَ: مَا خَلَقَ اللَّهُ أَقَلَّ عَقْلًا مِمَّنْ ادَّعَى أَنَّهُ إلَهٌ - مِثْلُ فِرْعَوْنَ ونمرود) وَأَمْثَالِهِمَا - هُوَ الَّذِي أَصَابَ وَنَطَقَ بِالصَّوَابِ وَسَدَّدَ فِي الْخِطَابِ. وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةِ يُعَظِّمُونَ فِرْعَوْنَ وَأَمْثَالَهُ وَيَدَّعُونَ أَنَّهُمْ خَيْرٌ مِنْ مُوسَى وَأَمْثَالِهِ حَتَّى أَنَّهُ حَدَّثَنِي بَهَاءُ الدِّينِ عَبْدُ السَّيِّدِ الَّذِي كَانَ قَاضِي الْيَهُودِ وَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إسْلَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَانَ قَدْ اجْتَمَعَ بِالشِّيرَازِيِّ أَحَدِ شُيُوخِ هَؤُلَاءِ وَدَعَاهُ إلَى هَذَا الْقَوْلِ وَزَيَّنَهُ لَهُ فَحَدَّثَنِي بِذَلِكَ فَبَيَّنْت لَهُ ضَلَالَ هَؤُلَاءِ وَكُفْرِهِمْ وَأَنَّ قَوْلَهُمْ مِنْ جِنْسِ قَوْلِ فِرْعَوْنَ. فَقَالَ لِي: إنَّهُ لَمَّا دَعَاهُ حَسَنٌ الشِّيرَازِيُّ إلَى هَذَا الْقَوْلِ قَالَ لَهُ: قَوْلُكُمْ هَذَا يُشْبِهُ قَوْلَ فِرْعَوْنَ فَقَالَ: نَعَمْ وَنَحْنُ عَلَى قَوْلِ فِرْعَوْنَ وَكَانَ عَبْدُ السَّيِّدِ إذْ ذَاكَ لَمْ يُسْلِمْ بَعْدُ فَقَالَ: أَنَا لَا أَدَعُ مُوسَى وَأَذْهَبُ إلَى فِرْعَوْنَ قَالَ لَهُ وَلِمَ؟ قَالَ لِأَنَّ مُوسَى أَغْرَقَ فِرْعَوْنَ. فَانْقَطَعَ فَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِالنَّصْرِ الْقَدَرِيِّ الَّذِي نَصَرَ اللَّهُ بِهِ مُوسَى لَا بِكَوْنِهِ كَانَ رَسُولًا صَادِقًا قُلْت لِعَبْدِ السَّيِّدِ: وَأَقَرَّ لَك أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ فِرْعَوْنَ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَمَعَ إقْرَارِ الْخَصْمِ لَا يُحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ. أَنَا كُنْت أُرِيدُ أَنْ أُبَيِّنَ لَك أَنَّ قَوْلَهُمْ: هُوَ قَوْلُ فِرْعَوْنَ فَإِذَا كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِهَذَا فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ. فَهَذِهِ الْمَقَالَاتُ وَأَمْثَالُهَا مِنْ أَعْظَمِ الْبَاطِلِ وَقَدْ نَبَّهْنَا عَلَى بَعْضِ مَا بِهِ يُعْرَفُ مَعْنَاهَا وَأَنَّهُ بَاطِلٌ وَالْوَاجِبُ إنْكَارُهَا؛ فَإِنَّ إنْكَارَ هَذَا الْمُنْكَرِ السَّارِي فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْلَى مِنْ إنْكَارِ دِينِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الَّذِي لَا يَضِلُّ بِهِ الْمُسْلِمُونَ لَا سِيَّمَا وَأَقْوَالُ هَؤُلَاءِ شَرٌّ مِنْ أَقْوَالِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَفِرْعَوْنَ وَمَنْ عَرَفَ