للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَفْيُ الصِّفَاتِ، وَالثَّانِي: الْغُلُوُّ فِي الْقَدَرِ وَالْإِرْجَاءُ. فَجَعْلُ الْإِيمَانِ مُجَرَّدُ مَعْرِفَةِ الْقَلْبِ. وَجَعْلُ الْعِبَادِ لَا فِعْلَ لَهُمْ وَلَا قُدْرَةَ. وَهَذَانِ مِمَّا غَلَتْ الْمُعْتَزِلَةُ فِي خِلَافِهِ فِيهِمَا. وَأَمَّا الْأَشْعَرِيُّ: فَوَافَقَهُ عَلَى أَصْلِ قَوْلِهِ وَلَكِنْ قَدْ يُنَازِعُهُ مُنَازَعَاتٌ لَفْظِيَّةٌ. وَجَهْمٌ لَمْ يُثْبِتْ شَيْئًا مِنْ الصِّفَاتِ - لَا الْإِرَادَةَ وَلَا غَيْرَهَا - فَهُوَ إذَا قَالَ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الطَّاعَاتِ وَيُبْغِضُ الْمَعَاصِيَ. فَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَهُ: الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ. وَأَمَّا الْأَشْعَرِيُّ: فَهُوَ يُثْبِتُ الصِّفَاتِ - كَالْإِرَادَةِ - فَاحْتَاجَ حِينَئِذٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي الْإِرَادَةِ: هَلْ هِيَ الْمَحَبَّةُ أَمْ لَا؟ وَأَنَّ الْمَعَاصِيَ: هَلْ يُحِبُّهَا اللَّهُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ: إنَّ الْمَعَاصِيَ يُحِبُّهَا اللَّهُ وَيَرْضَاهَا كَمَا يُرِيدُهَا. وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي الجُوَيْنِي: أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ وَأَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ قَبْلَهُ كَانُوا يَقُولُونَ: إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمَعَاصِيَ. وَذَكَرَ الْأَشْعَرِيّ فِي الْمُوجَزِ: أَنَّهُ قَدْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَهُ طَائِفَةٌ سَمَّاهُمْ. أَشُكُّ فِي بَعْضِهِمْ.