للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهُمْ غَلِطُوا فِي حَقِّ الْعَبْدِ وَحَقِّ الرَّبِّ. أَمَّا فِي حَقِّ الْعَبْدِ: فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ تَسْتَوِيَ عِنْدَهُ جَمِيعُ الْحَوَادِثِ. وَهَذَا مُحَالٌ قَطْعًا. وَهُمْ قَدْ تَمُرُّ عَلَيْهِمْ أَحْوَالٌ يَفْنَوْنَ فِيهَا عَنْ أَكْثَرِ الْأَشْيَاءِ. أَمَّا الْفَنَاءُ عَنْ جَمِيعِهَا: فَمُمْتَنِعٌ. فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُفَرِّقَ كُلُّ حَيٍّ بَيْنَ مَا يُؤْلِمُهُ وَبَيْنَ مَا يُلِذُّهُ. فَيُفَرِّقُ بَيْنَ الْخُبْزِ وَالتُّرَابِ وَالْمَاءِ وَالشَّرَابِ. فَهَؤُلَاءِ: عَزَلُوا الْفَرْقَ الشَّرْعِيَّ الْإِيمَانِيَّ الرَّحْمَانِيَّ الَّذِي بِهِ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ أَوْلِيَائِهِ وَأَعْدَائِهِ. وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَعَ الْجَمْعِ الْقَدَرِيِّ. وَعَلَى هَذَا: فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الْعَبْدِ بَيْنَ جَمِيعِ الْحَوَادِثِ مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ بَلْ لَا بُدَّ لِلْعَبْدِ مِنْ أَنْ يُفَرِّقَ. فَإِنْ لَمْ يُفَرِّقْ بِالْفَرْقِ الشَّرْعِيِّ - فَيُفَرِّقُ بَيْنَ مَحْبُوبِ الْحَقِّ وَمَكْرُوهِهِ وَبَيْنَ مَا يَرْضَاهُ وَمَا يَسْخَطُهُ - وَإِلَّا فَرَّقَ بِالْفَرْقِ الطَّبْعِيِّ بِهَوَاهُ وَشَيْطَانِهِ. فَيُحِبُّ مَا تَهْوَاهُ نَفْسُهُ وَمَا يَأْمُرُ بِهِ شَيْطَانُهُ. وَمِنْ هُنَا: وَقَعَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ فِي الْمَعَاصِي. وَآخَرُونَ فِي الْفُسُوقِ. وَآخَرُونَ فِي الْكُفْرِ. حَتَّى جَوَّزُوا عِبَادَةَ الْأَصْنَامِ. ثُمَّ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَقِلُ إلَى وَحْدَةِ الْوُجُودِ. وَهُمْ الَّذِينَ خَالَفُوا