للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ فَرْقٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَيْنَ الْمَأْمُورِ وَالْمَحْظُورِ. بَلْ وَافَقُوا جَهْمًا وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ - كَالْأَشْعَرِيِّ - فِي أَنَّهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ: لَا حَسَنٌ وَلَا سَيِّئٌ. وَإِنَّمَا الْحُسْنُ وَالْقُبْحُ: مُجَرَّدُ كَوْنِهِ مَأْمُورًا بِهِ وَمَحْظُورًا. وَذَلِكَ فَرْقٌ يَعُود إلَى حَظِّ الْعَبْدِ. وَهَؤُلَاءِ يَدَّعُونَ الْفَنَاءَ عَنْ الْحُظُوظِ. فَتَارَةً: يَقُولُونَ فِي امْتِثَالِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ: إنَّهُ مِنْ مَقَامِ التَّلْبِيسِ أَوْ مَا يُشْبِهُ هَذَا. كَمَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ أَبِي إسْمَاعِيلَ الهروي صَاحِبِ مَنَازِل السَّائِرِينَ. وَتَارَةً يَقُولُونَ: يَفْعَلُ هَذَا لِأَهْلِ الْمَارَسْتَان أَيْ الْعَامَّةِ. كَمَا يَقُولُهُ الشَّيْخُ الْمَغْرِبِيُّ إلَى أَنْوَاعٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهَا. وَمَنْ يَسْلُكُ مَسْلَكَهُمْ: غَايَتُهُ - إذَا عَظُمَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ - أَنْ يَقُولَ كَمَا نُقِلَ عَنْ الشاذلي: يَكُونُ الْجَمْعُ فِي قَلْبِك مَشْهُودًا. وَالْفَرْقُ عَلَى لِسَانِك مَوْجُودًا. وَلِهَذَا يُوجَدُ فِي كَلَامِهِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ: أَقْوَالٌ وَأَدْعِيَةٌ وَأَحْزَابٌ تَسْتَلْزِمُ تَعْطِيلَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. مِثْلُ أَنْ يَدْعُوَ: أَنْ يُعْطِيَهُ اللَّهُ إذَا عَصَاهُ أَعْظَمَ مِمَّا يُعْطِيهِ إذَا أَطَاعَهُ وَنَحْوَ هَذَا مِمَّا يُوجِبُ أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُ: أَنْ يَجْعَلَ