للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

وَلَمَّا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} أَوْجَبَ هَذَا: أَنْ لَا يَطْلُبَ الْعَبْدُ الْحَسَنَاتِ - وَالْحَسَنَاتُ تَدْخُلُ فِيهَا كُلُّ نِعْمَةٍ - إلَّا مِنْ اللَّهِ. وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا مِنْ اللَّهِ وَحْدَهُ فَيَسْتَحِقُّ اللَّهُ عَلَيْهَا الشُّكْرَ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُهُ. وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ. كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} . فَهَذَا يُوجِبُ عَلَى الْعَبْدِ شُكْرَهُ وَعِبَادَتَهُ وَحْدَهُ. ثُمَّ قَالَ {ثُمَّ إذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} وَهَذَا إخْبَارٌ عَنْ حَالِهِمْ وَالْجُؤَارُ: يَتَضَمَّنُ رَفْعَ الصَّوْتِ. وَالْإِنْسَانُ إنَّمَا يَجْأَرُ إذَا أَصَابَهُ الضُّرُّ. وَأَمَّا فِي حَالِ النِّعْمَةِ: فَهُوَ سَاكِنٌ إمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا {ثُمَّ إذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} {ثُمَّ إذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ} .