للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَمْرَدِ وَيَحْصُلُ لِلنَّفْسِ مِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ. وَقَدْ ذَكَرَ النَّاسُ مِنْ أَخْبَارِ الْعُشَّاقِ مَا يَطُولُ وَصْفُهُ فَإِذَا اُبْتُلِيَ الْمُسْلِمُ بِبَعْضِ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُجَاهِدَ نَفْسَهُ فِي اللَّهِ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِهَذَا الْجِهَادِ لَيْسَ أَمْرًا أَوْجَبَهُ وَحَرَّمَهُ هُوَ عَلَى نَفْسِهِ فَيَكُونُ فِي طَاعَةِ نَفْسِهِ وَهَوَاهُ؛ بَلْ هُوَ أَمْرٌ حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا حِيلَةَ فِيهِ؛ فَيَصِيرُ بِالْمُجَاهِدَةِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَفِي حَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو يَحْيَى الْقَتَّاتُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: {مَنْ عَشِقَ فَعَفَّ وَكَتَمَ وَصَبَرَ ثُمَّ مَاتَ فَهُوَ شَهِيدٌ} وَأَبُو يَحْيَى فِي حَدِيثِهِ نَظَرٌ؛ لَكِنَّ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالتَّقْوَى وَالصَّبْرِ فَمِنْ التَّقْوَى أَنْ يَعِفُّ عَنْ كُلِّ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ مِنْ نَظَرٍ بِعَيْنِ وَمِنْ لَفْظٍ بِلِسَانِ وَمِنْ حَرَكَةٍ بِيَدِ وَرِجْلٍ وَمِنْ الصَّبْرِ أَنْ يَصْبِرَ عَنْ شَكْوَى مَا بِهِ إلَى غَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. فَإِنَّ هَذَا هُوَ الصَّبْرُ الْجَمِيلُ. وَأَمَّا الْكِتْمَانُ فَيُرَادُ بِهِ شَيْئَانِ: " أَحَدُهُمَا " أَنْ يَكْتُمَ بَثَّهُ وَأَلَمَهُ فَلَا يَشْكُو إلَى غَيْرِ اللَّهِ فَمَتَى شَكَا إلَى غَيْرِ اللَّهِ نَقَصَ صَبْرُهُ وَهَذَا أَعْلَى الكتمانين؛ لَكِنَّ هَذَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كُلُّ أَحَدٍ؛ بَلْ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَشْكُو مَا بِهِ وَهَذَا عَلَى