للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَعْلُومًا فِي مَكَانٍ مَعْرُوفٍ، وَتَارَةً يَتَيَقَّنُ ذَهَابَ مَالٍ لَا قَدْرُهُ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ مَالٌ وَذَهَبَ. وَتَارَةً يَتَيَقَّنُ هَتْكَ الْحِرْزِ وَلَا يَدْرِي أَذَهَبَ بِشَيْءِ أَمْ لَا؟ هَذَا فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ وَأَمَّا فِي دَعْوَى الْخِيَانَةِ فَلَا تُعْلَمُ الْخِيَانَةُ فَإِذَا ظَهَرَ بَعْضُ الْمَالِ الْمُتَّهَمِ بِهِ عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ مِنْ قَبْضِهِ مِنْهُ ظَهَرَ اللَّوْثُ بِتَرْجِيحِ جَانِبِ الْمُدَّعِي فَإِنَّ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حِينَئِذٍ بَعِيدٌ. وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ. وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ} جَمَعَ فِيهِ الدِّمَاءَ وَالْأَمْوَالَ فَكَمَا أَنَّ الدِّمَاءَ إذَا كَانَ مَعَ الْمُدَّعِي لَوْثٌ حَلَفَ فَكَذَلِكَ الْأَمْوَالُ كَمَا حَلَّفْنَاهُ مَعَ شَاهِدِهِ فَكُلُّ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدِهِ كَمَا جَعَلْنَا فِي الدِّمَاءِ الشَّهَادَةَ الْمُزَوَّرَةَ لِنَقْصِ نِصَابِهَا أَوْ صِفَاتِهَا لَوْثًا وَكَذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ جَعَلَ الشَّاهِدَ مَعَ الْيَمِينِ فَالشَّاهِدُ الْمُزَوِّرُ مَعَ لَوْثٍ وَهُوَ. . . (١) لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ تُعْتَبَرَ فِي هَذَا حَالُ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فَإِنَّ بَابَ السَّرِقَةِ وَالْخِيَانَةِ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا فَاسِقٌ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ. . . (٢) إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا عَدْلًا. وَكَذَلِكَ الْمُدَّعِي قَدْ يَكْذِبُ فَاعْتِبَارِ الْعَدَالَةِ وَالْفِسْقِ فِي هَذَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْأَنْصَارِيِّ: كَيْفَ نَرْضَى بِأَيْمَانِ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُتَّهَمَ إذَا كَانَ فَاجِرًا فَلِلْمُدَّعِي أَنْ لَا يَرْضَى بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ مَنْ يَسْتَحِلُّ أَنْ يَسْرِقَ يَسْتَحِلُّ أَنْ يَحْلِفَ.


(١، ٢) بياض بالأصل