للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكُلُّ كَلَامٍ فِي الْوُجُودِ كَلَامُهُ سَوَاءٌ عَلَيْنَا نَثْرُهُ وَنِظَامُهُ فَيُنْكِرُونَ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ إذَا أَثْبَتُوا الصِّفَاتِ وَلَمْ يُطْلِقُوا عَلَيْهَا اسْمَ الْغَيْرِ وَهُمْ لَا يُطْلِقُونَ عَلَى الْمَخْلُوقَاتِ اسْمَ الْغَيْرِ وَقَدْ سَمِعْت هَذَا التَّنَاقُضَ مِنْ مَشَايِخِهِمْ فَإِنَّهُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ. وَأَمَّا قَوْل الشَّاعِرِ فِي شِعْرِهِ: أَنَا مَنْ أَهْوَى وَمَنْ أَهْوَى أَنَا؟ وَقَوْلُهُ: إذَا كُنْت لَيْلَى وَلَيْلَى أَنَا. فَهَذَا إنَّمَا أَرَادَ بِهِ هَذَا الشَّاعِرُ الِاتِّحَادَ الْوَضْعِيَّ كَاتِّحَادِ أَحَدِ الْمُتَحَابَّيْنِ بِالْآخَرِ الَّذِي يُحِبُّ أَحَدُهُمَا مَا يُحِبُّ الْآخَرَ وَيُبْغِضُ مَا يُبْغِضُ وَيَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ وَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا يَفْعَلُ وَهُوَ تَشَابُهٌ وَتَمَاثُلٌ لَا اتِّحَادُ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ إذْ كَانَ قَدْ اسْتَغْرَقَ فِي مَحْبُوبِهِ حَتَّى فَنِيَ بِهِ عَنْ رُؤْيَةِ نَفْسِهِ كَقَوْلِ الْآخَرِ: غِبْت بِك عَنِّي فَظَنَنْت أَنَّك أَنِّي فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ غالطا مُسْتَغْرِقًا بِالْفَنَاءِ أَوْ يَكُونُ عَنَى التَّمَاثُلَ وَالتَّشَابُهَ وَاتِّحَادَ الْمَطْلُوبِ وَالْمَرْهُوبِ لَا الِاتِّحَادَ الذَّاتِيَّ. فَإِنْ أَرَادَ الِاتِّحَادَ الذَّاتِيَّ - مَعَ عَقْلِهِ لِمَا يَقُولُ - فَهُوَ كَاذِبٌ مُفْتَرٍ مُسْتَحِقٌّ لِعُقُوبَةِ الْمُفْتَرِينَ. وَأَمَّا قَوْل الْقَائِلِ: لَوْ رَأَى النَّاسُ الْحَقَّ لَمَا رَأَوْا عَابِدًا وَلَا مَعْبُودًا: فَهَذَا مِنْ جِنْسِ قَوْلِ الْمَلَاحِدَةِ الِاتِّحَادِيَّةِ الَّذِينَ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الرَّبِّ وَالْعَبْدِ؛