للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْفِعْلُ إلَيْهِ أَيْضًا فَلَا يُقَالُ مَا آمَنْت وَلَا صَلَّيْت وَلَا صُمْت وَلَا صَدَّقْت وَلَا عَلِمْت فَإِنَّ هَذَا مُكَابَرَةٌ؛ إذْ أَقَلُّ أَحْوَالِهِ الِاتِّصَافُ وَهُوَ ثَابِتٌ. وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَأْتِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَفْعَالِ الْمَأْمُورِ بِهَا إلَّا فِي الْقَتْلِ وَالرَّمْيِ بِبَدْرِ وَلَوْ كَانَ هَذَا لِعُمُومِ خَلْقِ اللَّهِ أَفْعَالَ الْعِبَادِ لَمْ يُخْتَصَّ بِبَدْرِ. " الثَّالِثُ " أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَرَقَ الْعَادَةَ فِي ذَلِكَ فَصَارَتْ رُءُوسُ الْمُشْرِكِينَ تَطِيرُ قَبْلَ وُصُولِ السِّلَاحِ إلَيْهَا بِالْإِشَارَةِ وَصَارَتْ الْجَرِيدَةُ تَصِيرُ سَيْفًا يُقْتَلُ بِهِ. وَكَذَلِكَ رَمْيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابَتْ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي قُدْرَتِهِ أَنْ يُصِيبَهُ فَكَانَ مَا وُجِدَ مِنْ الْقَتْلِ وَإِصَابَةِ الرَّمْيَةِ خَارِجًا عَنْ قُدْرَتِهِمْ الْمَعْهُودَةِ فَسُلِبُوهُ لِانْتِفَاءِ قُدْرَتِهِمْ عَلَيْهِ وَهَذَا أَصَحُّ وَبِهِ يَصِحُّ الْجَمْعُ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ {وَمَا رَمَيْتَ} أَيْ مَا أَصَبْت {إذْ رَمَيْتَ} إذْ طَرَحْت {وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} أَصَابَ. وَهَكَذَا كُلُّ مَا فَعَلَهُ اللَّهُ مِنْ الْأَفْعَالِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْقُدْرَةِ الْمُعْتَادَةِ بِسَبَبِ ضَعِيفٍ كَإِنْبَاعِ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ أَوْ الْأُمُورِ الْخَارِجَةِ عَنْ قُدْرَةِ الْفَاعِلِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لَا عَلَى الْجَبْرِ وَلَا عَلَى نَفْيِ التَّوَلُّدِ.