للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سُورَةُ التَّوْبَةِ

وَقَالَ: قَدْ يُسْتَدَلُّ بِقَوْلِهِ: {لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ} عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ مُؤْمِنًا بِإِيمَانِ وَالِدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْوَلَدَ فِي اسْتِحْبَابِهِ الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ مَعَ أَنَّهُ أَوْلَى بِالذِّكْرِ وَمَا ذَاكَ إلَّا أَنَّ حُكْمَهُ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْأَبِ وَالْأَخِ. وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِصِغَرِهِ وَجُنُونِهِ وَبَيْنَ الْمُسْتَقِلِّ كَمَا اسْتَدَلَّ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة وَغَيْرُهُ بِقَوْلِهِ: {وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ} أَنَّ بَيْتَ الْوَلَدِ مُنْدَرِجٌ فِي بُيُوتِكُمْ؛ لِأَنَّهُ وَمَالَهُ لِأَبِيهِ. وَيُسْتَدَلُّ بِقَوْلِهِ: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِين مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} عَلَى أَنَّ إسْلَامَ الْوَلِيدِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مِنْ جُمْلَةِ الْقَائِلِينَ قَوْلَ مَنْ يَطْلُبُ الْهِجْرَةَ وَطَلَبُ الْهِجْرَةِ لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الْإِيمَانِ وَإِذَا كَانَ لَهُ قَوْلٌ فِي ذَلِكَ مُعْتَبَرٌ كَانَ أَصْلًا فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ تَابِعًا؛ بِخِلَافِ الطِّفْلِ الَّذِي لَا تَمْيِيزَ لَهُ؛ فَإِنَّهُ تَابِعٌ لَا قَوْلَ لَهُ.