للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ كِبَارِهَا أَنْ تَظْهَرَ فَيَقُولُ إنِّي قَدْ غَفَرْتهَا لَك وَأَبْدَلْتُك مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً فَهُنَالِكَ يَقُولُ رَبِّ إنَّ لِي سَيِّئَاتٍ مَا أَرَاهَا بَعْدُ} " فَالْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ إذَا تَابَ وَبَدَّلَ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِ حَسَنَاتٍ انْقَلَبَ مَا كَانَ يَضُرُّهُ مِنْ السَّيِّئَاتِ بِسَبَبِ تَوْبَتِهِ حَسَنَاتٍ يَنْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا فَلَمْ تَبْقَ الذُّنُوبُ بَعْدَ التَّوْبَةِ مُضِرَّةً لَهُ بَلْ كَانَتْ تَوْبَتُهُ مِنْهَا مِنْ أَنْفَعِ الْأُمُورِ لَهُ وَالِاعْتِبَارُ بِكَمَالِ النِّهَايَةِ لَا بِنَقْصِ الْبِدَايَةِ فَمَنْ نَسِيَ الْقُرْآنَ ثُمَّ حَفِظَهُ خَيْرٌ مِمَّنْ حَفِظَهُ الْأَوَّلُ لَمْ يَضُرَّهُ النِّسْيَانُ وَمَنْ مَرِضَ ثُمَّ صَحَّ وَقَوِيَ لَمْ يَضُرَّهُ الْمَرَضُ الْعَارِضُ. وَاَللَّهُ تَعَالَى يَبْتَلِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ بِمَا يَتُوبُ مِنْهُ؛ لِيَحْصُلَ لَهُ بِذَلِكَ مِنْ تَكْمِيلِ الْعُبُودِيَّةِ وَالتَّضَرُّعِ وَالْخُشُوعِ لِلَّهِ وَالْإِنَابَةِ إلَيْهِ وَكَمَالِ الْحَذَرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْعِبَادَةِ مَا لَمْ يَحْصُلْ بِدُونِ التَّوْبَةِ كَمَنْ ذَاقَ الْجُوعَ وَالْعَطَشَ وَالْمَرَضَ وَالْفَقْرَ وَالْخَوْفَ ثُمَّ ذَاقَ الشِّبَعَ وَالرَّيَّ وَالْعَافِيَةَ وَالْغِنَى وَالْأَمْنَ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْمَحَبَّةِ لِذَلِكَ وَحَلَاوَتِهِ وَلَذَّتِهِ وَالرَّغْبَةِ فِيهِ وَشُكْرِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَالْحَذَرِ أَنْ يَقَعَ فِيمَا حَصَلَ أَوَّلًا مَا لَمْ يَحْصُلْ بِدُونِ ذَلِكَ. وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ التَّوْبَةَ لَا بُدَّ مِنْهَا لِكُلِّ مُؤْمِنٍ وَلَا يَكْمُلُ أَحَدٌ وَيَحْصُلُ لَهُ كَمَالُ الْقُرْبِ مِنْ اللَّهِ وَيَزُولُ عَنْهُ كُلُّ مَا يَكْرَهُ إلَّا بِهَا.