للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلَّهِ وَأَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ} وَصَارَ هَذَا الْعَبْدُ دِينُهُ كُلُّهُ لِلَّهِ وَأَتَى بِمَا خَلَقَ لَهُ مِنْ الْعِبَادَةِ. فَقَدْ اتَّحَدَتْ أَحْكَامُ هَذِهِ الصِّفَاتِ الَّتِي لَهُ وَأَسْبَابُهَا بِأَحْكَامِ صِفَاتِ الرَّبِّ وَأَسْبَابِهَا. وَهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى دَرَجَاتٍ؛ فَإِنْ كَانَ نَبِيًّا كَانَ لَهُ مِنْ الْمُوَافَقَةِ لِلَّهِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ وَالْمُرْسَلُونَ فَوْقَ ذَلِكَ وَأُولُو الْعَزْمِ أَعْظَمُ وَنَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ الْوَسِيلَةُ الْعُظْمَى فِي كُلِّ مَقَامٍ. فَهَذِهِ الْمُوَافَقَةُ هِيَ الِاتِّحَادُ السَّائِغُ سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا وَفِي مِثْلِ هَذَا جَاءَتْ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} وَقَالَ: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} وَقَالَ تَعَالَى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} وَقَالَ تَعَالَى: {أَحَبَّ إلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} وَقَالَ تَعَالَى: {قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} . وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ الْمَسِيحِ - إنْ ثَبَتَ هَذَا اللَّفْظُ عَنْهُ - " أَنَا وَأَبِي وَاحِدٌ مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى أَبِي " وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {إنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} وَقَوْلُهُ: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ اللَّفْظِ الَّذِي فِيهِ تَشَابُهٌ.