للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَوْلُهُ: {لَوَجَدْتنِي عِنْدَهُ} لَفْظُ ظَرْفٍ؛ وَبِكُلِّ يَثْبُتُ الْمَعْنَى الْحَقُّ مِنْ الْحُلُولِ الْحَقِّ؛ الَّذِي هُوَ بِالْإِيمَانِ لَا بِالذَّاتِ. وَيُفَسَّرُ قَوْلُهُ: {مَرِضْت فَلَمْ تَعُدْنِي} فَلَوْ كَانَ الرَّبُّ عَيْنَ الْمَرِيضِ وَالْجَائِعِ لَكَانَ إذَا عَادَهُ وَإِذَا أَطْعَمَهُ يَكُونُ قَدْ وَجَدَهُ إيَّاهُ وَقَدْ وَجَدَهُ قَدْ أَكَلَهُ. وَفِي قَوْلِهِ فِي الْمَرِيضِ: {وَجَدْتنِي عِنْدَهُ} وَفِي الْجَائِعِ: {لَوَجَدْت ذَلِكَ عِنْدِي} فَرْقَانِ حَسَنٌ؛ فَإِنَّ الْمَرِيضَ الَّذِي تُسْتَحَبُّ عِيَادَتُهُ وَيَجِدُ اللَّهَ عِنْدَهُ: هُوَ الْمُؤْمِنُ بِرَبِّهِ الْمُوَافِقُ لِإِلَهِهِ الَّذِي هُوَ وَلِيُّهُ؛ وَأَمَّا الطَّاعِمُ فَقَدْ يَكُونُ فِيهِ عُمُومٌ لِكُلِّ جَائِعٍ يُسْتَحَبُّ إطْعَامُهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} فَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةِ وَاجِبَةٍ أَوْ مُسْتَحَبَّةٍ: فَقَدْ أَقْرَضَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِمَا أَعْطَاهُ لِعَبْدِهِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ - وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَّا الطِّيبَ - فَإِنَّ اللَّهَ يَأْخُذُهَا بِيَمِينِهِ فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ الْعَظِيمِ} وَقَالَ: {إنَّ الصَّدَقَةَ لَتَقَعُ بِيَدِ الْحَقِّ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ بِيَدِ السَّائِلِ} . لَكِنَّ الْأَشْبَهَ: أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ الْمَذْكُورَ فِي الْجُوعِ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمَرَضِ وَهُوَ الْعَبْدُ الْوَلِيُّ الَّذِي فِيهِ نَوْعُ اتِّحَادٍ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ يُثِيبُ عَلَى طَعَامِ الْفَاسِقِ وَالذِّمِّيِّ. وَنَظِيرُ الْقَرْضِ: النَّصْرُ فِي مِثْلِ قَوْله تَعَالَى {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ