للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} وَنَحْوَ ذَلِكَ. فَإِنَّ أَصْلَ الْفِطْرَةِ الَّتِي فُطِرَ النَّاسُ عَلَيْهَا إذَا سَلِمَتْ مِنْ الْفَسَادِ إذَا رَأَتْ الْحَقَّ اتَّبَعَتْهُ وَأَحَبَّتْهُ. إذْ الْحَقُّ نَوْعَانِ: حَقٌّ مَوْجُودٌ فَالْوَاجِبُ مَعْرِفَتُهُ وَالصِّدْقُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْهُ وَضِدُّ ذَلِكَ الْجَهْلُ وَالْكَذِبُ. وَحَقٌّ مَقْصُودٌ وَهُوَ النَّافِعُ لِلْإِنْسَانِ فَالْوَاجِبُ إرَادَتُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ وَضِدُّ ذَلِكَ إرَادَةُ الْبَاطِلِ وَاتِّبَاعُهُ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ فِي النُّفُوسِ مَحَبَّةَ الْعِلْمِ دُونَ الْجَهْلِ وَمَحَبَّةَ الصِّدْقِ دُونَ الْكَذِبِ وَمَحَبَّةَ النَّافِعِ دُونَ الضَّارِّ وَحَيْثُ دَخَلَ ضِدُّ ذَلِكَ فَلِمُعَارِضِ مِنْ هَوًى وَكِبْرٍ وَحَسَدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ كَمَا أَنَّهُ فِي صَالِحِ الْجَسَدِ خَلَقَ اللَّهُ فِيهِ مَحَبَّةَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ الْمُلَائِمِ لَهُ دُونَ الضَّارِّ فَإِذَا اشْتَهَى مَا يَضُرُّهُ أَوْ كَرِهَ مَا يَنْفَعُهُ فَلِمَرَضِ فِي الْجَسَدِ وَكَذَلِكَ أَيْضًا إذَا انْدَفَعَ عَنْ النَّفْسِ الْمُعَارِضُ مِنْ الْهَوَى وَالْكِبْرِ وَالْحَسَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ: أَحَبَّ الْقَلْبُ مَا يَنْفَعُهُ مِنْ الْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ كَمَا أَنَّ