للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ} {إنِّي إذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} {إنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ} . وَقَوْلُهُ: {يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ} نَفْيٌ عَامٌّ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} فَهُوَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَضُرَّ أَحَدًا سَوَاءٌ عَبَدَهُ أَوْ لَمْ يَعْبُدْهُ وَلَا يَنْفَعَ أَحَدًا سَوَاءٌ عَبَدَهُ أَوْ لَمْ يَعْبُدْهُ؛ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: لَا يَنْفَعُ إنْ عُبِدَ وَلَا يَضُرُّ إنْ لَمْ يُعْبَدْ بَيَانٌ لِانْتِفَاءِ الرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ مِنْ جِهَتِهِ؛ بِخِلَافِ الرَّبِّ الَّذِي يُكْرِمُ عَابِدِيهِ وَيَرْحَمُهُمْ وَيُهِينُ مَنْ لَمْ يَعْبُدْهُ وَيُعَاقِبُهُ. وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ مُطْلَقًا فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ يُنْعِمُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْبُدُوهُ فَنَفْعُهُ لِلْعِبَادِ لَا يَخْتَصُّ بِعَابِدِيهِ وَإِنْ كَانَ فِي هَذَا تَفْصِيلٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ وَمَا دُونَهُ لَا يَنْفَعُ لَا مَنْ عَبَدَهُ وَلَا مَنْ لَمْ يَعْبُدْهُ؛ وَهُوَ سُبْحَانَهُ الضَّارُّ النَّافِعُ: قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَضُرَّ مَنْ يَشَاءُ وَإِنْ كَانَ مَا يُنْزِلُهُ مِنْ الضُّرِّ بِعَابِدِيهِ هُوَ رَحْمَةٌ فِي حَقِّهِمْ كَمَا قَالَ أَيُّوبُ: {مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إلَّا هُوَ} وَقَالَ أَيْضًا لِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ} وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُحْدِثُ مَا يُحْدِثُهُ مِنْ الضَّرَرِ بِمَنْ لَا يُوصَفُ بِمَعْصِيَةِ مِنْ الْأَطْفَالِ وَالْمَجَانِينِ وَالْبَهَائِمِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْحِكْمَةِ وَالنِّعْمَةِ