للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَوًى وَتَارَةً تَغْلِبُ عَلَيْهِ الشِّدَّةُ هَوًى فَيَتَّبِعُ مَا يَهْوَاهُ فِي الْجَانِبَيْنِ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} فَإِنَّ الزِّنَا مِنْ الْكَبَائِرِ وَأَمَّا النَّظَرُ وَالْمُبَاشَرَةُ فَاللَّمَمُ مِنْهَا مَغْفُورٌ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى النَّظَرِ أَوْ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ صَارَ كَبِيرَةً وَقَدْ يَكُونُ الْإِصْرَارُ عَلَى ذَلِكَ أَعْظَمَ مِنْ قَلِيلِ الْفَوَاحِشِ فَإِنَّ دَوَامَ النَّظَرِ بِالشَّهْوَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ الْعِشْقِ وَالْمُعَاشَرَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ قَدْ يَكُونُ أَعْظَمَ بِكَثِيرِ مِنْ فَسَادِ زِنَا لَا إصْرَارَ عَلَيْهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ فِي الشَّاهِدِ الْعَدْلِ: أَنْ لَا يَأْتِيَ كَبِيرَةً وَلَا يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ وَفِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ {لَا صَغِيرَةَ مَعَ إصْرَارٍ وَلَا كَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ} . بَلْ قَدْ يَنْتَهِي النَّظَرُ وَالْمُبَاشَرَةُ بِالرَّجُلِ إلَى الشِّرْكِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} . وَلِهَذَا لَا يَكُونُ عِشْقُ الصُّوَرِ إلَّا مِنْ ضَعْفِ مُحِبَّةِ اللَّهِ وَضَعْفِ الْإِيمَانِ وَاَللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْقُرْآنِ عَنْ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ الْمُشْرِكَةِ وَعَنْ قَوْمِ لُوطٍ الْمُشْرِكِينَ وَالْعَاشِقُ الْمُتَيَّمُ يَصِيرُ عَبْدًا لِمَعْشُوقِهِ مُنْقَادًا لَهُ أَسِيرَ الْقَلْبِ لَهُ. وَقَدْ جَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذِكْرَ الْحُدُودِ إنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ