للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَلْ غَلِطُوا أَيْضًا فِي نَفْسِ الرَّبِّ فَأَلْحَقُوا بَعْضَ الْعِبَادِ الْمُعْبَدِينَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي بِبَعْضِ الْعِبَادِ الْعَابِدِينَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَدَخَلُوا فِي الِاتِّحَادِ وَالْحُلُولِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ حَتَّى عَبَدَ مَنْ عَبَدَ فِرْعَوْنَ وَالدَّجَّالَ وَعَبَدَ آخَرُونَ الصُّوَرَ الْجَمِيلَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ هَذَا مَظَاهِرُ الْجَمَالِ؛ وَكَفَرَ هَؤُلَاءِ بِالْعِبَادَاتِ وَالْإِيمَانِ تَارَةً وَبِالْمَعْبُودِ أُخْرَى. وَلَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ هُنَا بَيَانَ الْحَقِّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ مَا فِيهِ حَقٌّ: ذَكَرْنَا هَذَا. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ فَرَّقَ بِالْقُرْآنِ وَبِالْإِيمَانِ بَيْنَ أَمْرِهِ الدِّينِيِّ وَخَلْقِهِ الْكَوْنِيِّ. فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الذَّوَاتُ وَصِفَاتُهَا وَأَفْعَالُهَا وَمَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ لَا يَخْرُجُ عَنْ مَشِيئَتِهِ شَيْءٌ وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ إلَّا بِمَشِيئَتِهِ. وَقَدْ كَذَّبَ بِبَعْضِ ذَلِكَ الْقَدَرِيَّةُ الْمَجُوسِيَّةُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَغَيْرِهَا وَهُمْ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ أَفْعَالَ عِبَادِهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ بِعِبَادِهِ مِنْ الْخَيْرِ أَكْثَرَ مِمَّا فَعَلَهُ بِهِمْ؛ بَلْ وَلَا عَلَى أَفْعَالِهِمْ؛ فَلَيْسَ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أَوْ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ السَّيِّئَاتِ فَهُوَ وَاقِعٌ عَلَى خِلَافِ مَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ. وَهُمْ ضَلَالٌ مُبْتَدِعَةٌ مُخَالِفُونَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ سَلَفِ الْأُمَّةِ؛ وَلِمَا عُرِفَ بِالْعَقْلِ وَالذَّوْقِ. ثُمَّ إنَّهُ قَابَلَهُمْ قَوْمٌ شَرٌّ مِنْهُمْ وَهُمْ الْقَدَرِيَّةُ المشركية الَّذِينَ رَأَوْا الْأَفْعَالَ