للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{إنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إلَى صُوَرِكُمْ وَلَا إلَى أَمْوَالِكُمْ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ} وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا} وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ يُمَتِّعُ بِالصُّوَرِ كَمَا يُمَتِّعُ بِالْأَمْوَالِ وَكِلَاهُمَا مِنْ زَهْرَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكِلَاهُمَا يَفْتِنُ أَهْلَهُ وَأَصْحَابَهُ وَرُبَّمَا أَفْضَى بِهِ إلَى الْهَلَاكِ دُنْيَا وَأُخْرَى. وَالْهَلْكَى رَجُلَانِ. فَمُسْتَطِيعٌ وَعَاجِزٌ فَالْعَاجِزُ مَفْتُونٌ بِالنَّظَرِ وَمَدِّ الْعَيْنِ إلَيْهِ وَالْمُسْتَطِيعُ مَفْتُونٌ فِيمَا أُوتِيَ مِنْهُ غَارِقٌ قَدْ أَحَاطَ بِهِ مَا لَا يَسْتَطِيعُ إنْقَاذَ نَفْسِهِ مِنْهُ. وَهَذَا الْمَنْظُورُ قَدْ يُعْجِبُ الْمُؤْمِنَ وَإِنْ كَانَ الْمَنْظُورُ مُنَافِقًا أَوْ فَاسِقًا كَمَا يُعْجِبُهُ الْمَسْمُوعُ مِنْهُمْ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ} فَهَذَا تَحْذِيرٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ النَّظَرِ إلَيْهِمْ وَاسْتِمَاعِ قَوْلِهِمْ فَلَا يُنْظَرُ إلَيْهِمْ وَلَا يُسْمَعُ قَوْلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ رُؤْيَاهُمْ تُعْجِبُ النَّاظِرِينَ إلَيْهِمْ وَأَنَّ قَوْلَهُمْ يُعْجِبُ السَّامِعِينَ. ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ فَسَادِ قُلُوبِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ بِقَوْلِهِ: {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} فَهَذَا مِثْلُ قُلُوبِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ وَقَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الْآيَةُ: وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي قِصَّةِ قَوْمِ لُوطٍ: {إنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} . وَالتَّوَسُّمُ مِنْ السِّمَةِ وَهِيَ الْعَلَامَةُ فَأَخْبَرَ