للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَجِبُ الْفَرْقُ بَيْنَ تَنْبِيهِ الْخِطَابِ وَبَيْنَ قِيَاسِ الْأَوْلَى فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي ذَاكَ مُسْتَفَادٌ مِنْ اللَّفْظِ عَمَّهُمَا عُرْفًا وخَطًّاباً وَهُنَا مُسْتَفَادٌ مِنْ الْحُكْمِ بِحَيْثُ لَوْ دَلَّ عَلَى الْحُكْمِ فِعْلٌ أَوْ إقْرَارٌ أَوْ خِطَابٌ يَقْطَعُ مَعَهُ بِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَمْ يُرَدَّ إلَّا الصُّورَةَ لَكَانَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ لِنَوْعِ يَقْتَضِي ثُبُوتَهُ لِمَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُ؛ فَالْعُمُومُ هُنَا مَعْنَوِيٌّ مَحْضٌ وَهُنَاكَ لَفْظِيٌّ وَمَعْنَوِيٌّ فَتَدَبَّرْ هَذَا فَإِنَّهُ فَصْلٌ بَيْنَ الْمُتَنَازِعِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي التَّنْبِيهِ هَلْ هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ اللَّفْظِ أَوْ هُوَ قِيَاسٌ جَلِيٌّ؟ لِتَعْلَمَ أَنَّهُ قِسْمَانِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ اللَّفْظِ يُرِيدُ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ الْعُمُومُ. وَيُمَثِّلُ بِوَاحِدِ تَنْبِيهًا كَقَوْلِ النَّحْوِيِّ: ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا؛ بِخِلَافِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْمَعْنَى. وَالْآيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ: {زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا} تَدُلَّ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ لِأُمَّتِهِ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ الْفِعْلَ فِي نَفْسِهِ لَا يَعُمُّ لَفْظًا وَوَضْعًا وَإِنَّمَا يَعُمُّ بِمَا ثَبَتَ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ الِاشْتِرَاكُ والايتساء. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي السُّورَةِ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} الْآيَةَ. فَإِنَّ فِيهَا التَّأَسِّي فِيمَا أَصَابَهُ. وَمَتَى ثَبَتَ الْحُكْمُ فِي الايتساء بِهِ فِي حُكْمِهِ عِنْدَمَا أَصَابَهُ: كَانَ كَذَلِكَ فِيمَا فَعَلَهُ؛ إذْ الْمُصَابُ عَلَيْهِ فِيهِ وَاجِبَاتٌ وَمُحَرَّمَاتٌ؛ فَدَلَّتْ هَذِهِ