للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ فِي تِلْكَ الْآيَةِ: {وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إلَّا قَلِيلًا} وَقَالَ فِي النِّسَاءِ: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إلَّا قَلِيلًا} {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا} إلَى آخِرِ الْقِصَّةِ فَأَخْبَرَ بِذُنُوبِهِمْ الَّتِي اسْتَحَقُّوا بِهَا مَا اسْتَحَقُّوهُ. وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ: {قُلُوبُنَا غُلْفٌ} . فَعَلِمَ أَنَّهُمْ كَاذِبُونَ فِي هَذَا الْقَوْلِ قَاصِدُونَ بِهِ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْوَاجِبِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ} وَ {طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} فَهِيَ وَإِنْ سَمِعَتْ الْخِطَابَ وَفَقِهَتْهُ لَا تَقْبَلُهُ وَلَا تُؤْمِنُ بِهِ لَا تَصْدِيقًا لَهُ وَلَا طَاعَةً وَإِنْ عَرَفُوهُ كَمَا قَالَ: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} . ف (غُلْفٌ جَمْعُ أَغْلَفَ. وَأَمَّا " غَلَّفَ " بِالتَّحْرِيكِ فَجَمْعُ غِلَافٍ وَالْقَلْبُ الْأَغْلَفُ بِمَنْزِلَةِ الْأَقْلَفِ. فَهُمْ ادَّعَوْا ذَلِكَ وَهُمْ كَاذِبُونَ فِي ذَلِكَ وَاللَّعْنَةُ الْإِبْعَادُ عَنْ الرَّحْمَةِ فَلَوْ عَمِلُوا بِهِ لَرُحِمُوا؛ وَلَكِنْ لَمْ يَعْمَلُوا بِهِ فَكَانُوا مَغْضُوبًا عَلَيْهِمْ مَلْعُونِينَ وَهَذَا جَزَاءُ مَنْ عَرَفَ الْحَقَّ وَلَمْ يَتَّبِعْهُ وَفَقِهَ كَلَامَ الرُّسُلِ وَلَمْ يَكُنْ مُوَافِقًا لَهُ بِالْإِقْرَارِ تَصْدِيقًا وَعَمَلًا. و " الصِّنْفُ الرَّابِعُ " الَّذِينَ سَمِعُوا سَمَاعَ فِقْهٍ وَقَبُولٍ فَهَذَا هُوَ السَّمَاعُ الْمَأْمُورُ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ