للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْآيَةُ عَلَى مُقْتَضَاهَا فَإِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أَنَّهُ يَغْفِرُ جَمِيعَ الذُّنُوبِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ يَغْفِرُ لِكُلِّ مُذْنِبٍ؛ بَلْ قَدْ ذَكَرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ لِمَنْ مَاتَ كَافِرًا فَقَالَ: {إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} . وَقَالَ فِي حَقِّ الْمُنَافِقِينَ: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} لَكِنَّ هَذَا اللَّفْظَ الْعَامَّ فِي الذُّنُوبِ هُوَ مُطْلَقٌ فِي الْمُذْنِبِينَ. فَالْمُذْنِبُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِنَفْيِ وَلَا إثْبَاتٍ؛ لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَغْفُورًا لَهُ وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ مَغْفُورًا لَهُ. إنْ أَتَى بِمَا يُوجِبُ الْمَغْفِرَةَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ أَصَرَّ عَلَى مَا يُنَاقِضُهَا لَمْ يَغْفِرْ لَهُ. وَأَمَّا جِنْسُ الذَّنْبِ فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُهُ فِي الْجُمْلَةِ: الْكُفْرُ وَالشِّرْكُ وَغَيْرُهُمَا؛ يَغْفِرُهَا لِمَنْ تَابَ مِنْهَا لَيْسَ فِي الْوُجُودِ ذَنْبٌ لَا يَغْفِرُهُ الرَّبُّ تَعَالَى؛ بَلْ مَا مِنْ ذَنَبٍ إلَّا وَاَللَّهُ تَعَالَى يَغْفِرُهُ فِي الْجُمْلَةِ.

وَهَذِهِ آيَةٌ عَظِيمَةٌ جَامِعَةٌ مِنْ أَعْظَمِ الْآيَاتِ نَفْعًا وَفِيهَا رَدٌّ عَلَى طَوَائِفَ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّ الدَّاعِيَ إلَى الْبِدْعَةِ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَيَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ إسْرَائِيلِيٍّ فِيهِ: {أَنَّهُ قِيلَ لِذَلِكَ الدَّاعِيَةِ فَكَيْفَ بِمَنْ أَضْلَلْت؟} وَهَذَا يَقُولُهُ طَائِفَةٌ مِمَّنْ يَنْتَسِبُ إلَى السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ وَلَيْسُوا مِنْ الْعُلَمَاءِ بِذَلِكَ كَأَبِي عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيِّ وَأَمْثَالِهِ مِمَّنْ لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ