للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - يَقُولُ: {إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَك الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَك الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُك الْحَقُّ وَوَعْدُك حَقٌّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ اللَّهُمَّ لَك أَسْلَمْت وَبِك آمَنْت وَعَلَيْك تَوَكَّلْت وَإِلَيْك أَنَبْت وَبِك خَاصَمْت وَإِلَيْك حَاكَمْت.} وَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ فِي الْوُجُودِ مَا هُوَ بَاطِلٌ فِي الْحَقِيقَةِ؛ وَمِنْهُ مَا هُوَ حَقٌّ مِنْ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ لَيْسَ هُوَ اللَّهَ: ظَهَرَ تَمْوِيهُهُمْ بِقَوْلِهِمْ: إنَّ الْبَاطِلَ هُوَ السَّوِيُّ وَهُوَ الْعَدَمُ؛ وَأَمَّا الْمَوْجُودُ فَهُوَ هُوَ. وَأَيْضًا فَنَفْسُ الْحَدِيثِ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ. فَإِنَّ قَوْلَهُ: " أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ " لَفْظٌ عَامٌّ يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَوْجُودٍ سِوَى اللَّهِ؛ فَإِنَّ لَفْظَ: " الشَّيْءُ " يَعُمُّ كُلَّ الْمَوْجُودِ بِالِاتِّفَاقِ وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا لَهُ وُجُودٌ ذِهْنِيٌّ أَوْ لَفْظِيٌّ أَوْ رَسْمِيٌّ كِتَابِيٌّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وُجُودٌ حَقِيقِيٌّ مِنْ الْمَعْدُومَاتِ وَالْمُمْتَنِعَاتِ؛ فَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْمَوْجُودَاتِ بَاطِلٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ: كُلُّ مَعْدُومٍ مَا خَلَا اللَّهَ فَهُوَ بَاطِلٌ لِخَمْسَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَدْ اسْتَثْنَى اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ مَنْ لَفْظِ إثْبَاتٍ وَمِثْلُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ يَدُلُّ عَلَى التَّنَاوُلِ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ غَيْرِ مُوجِبٍ