للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُطَاعُ الْمُكَذِّبُ وَالْحَلَّافُ وَلَا يُعْمَلُ بِمِثْلِ عَمَلِهِمَا كَقَوْلِهِ: {وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} وَأَمْثَالِهِ فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْ قَبُولِ قَوْلِ مَنْ يَأْمُرُ بِالْخُلُقِ النَّاقِصِ أَبْلَغُ فِي الزَّجْرِ مِنْ النَّهْيِ عَنْ التَّخَلُّقِ بِهِ. " وَمِنْهَا " أَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي الْإِكْرَامِ. وَالِاحْتِرَامِ فَإِنَّ قَوْلَهُ: لَا تَكْذِبْ وَلَا تَحْلِفْ وَلَا تَشْتُمْ وَلَا تَهْمِزْ: لَيْسَ هُوَ مِثْلَ قَوْلِهِ لَا تُطِعْ مَنْ يَكُونُ مُتَلَبِّسًا بِهَذِهِ الْأَخْلَاقِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ تَشْرِيفِهِ وَبَرَاءَتِهِ. " وَمِنْهَا " أَنَّ الْأَخْلَاقَ مُكْتَسَبَةٌ بِالْمُعَاشَرَةِ؛ فَفِيهِ تَحْذِيرٌ عَنْ اكْتِسَابِ شَيْءٍ مِنْ أَخْلَاقِهِمْ بِالْمُخَالَطَةِ لَهُمْ؛ فَلْيَأْخُذْ حِذْرَهُ فَإِنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى مُخَالَطَتِهِمْ لِأَجْلِ دَعْوَتِهِمْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى. " وَمِنْهَا " أَنَّهُمْ يُبْدُونَ مَصَالِحَ فِيمَا يَأْمُرُونَ بِهِ فَلَا تُطِعْ مَنْ كَانَ هَكَذَا وَلَوْ أَبْدَاهَا فَإِنَّ الْبَاعِثَ لَهُمْ عَلَى مَا يَأْمُرُونَ بِهِ هُوَ مَا فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ وَإِذَا كَانَ الْأَصْلُ الْمُقْتَضِي لِلْأَمْرِ فَاسِدًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْ الْآمِرِ فَإِنَّ الْأَمْرَ مَدَارُهُ عَلَى الْعِلْمِ بِالْمَصْلَحَةِ وَإِرَادَتِهَا فَإِذَا كَانَ جَاهِلًا لَمْ يَعْلَمْ الْمَصْلَحَةَ وَإِذَا كَانَ الْخُلُقُ فَاسِدًا لَمْ يَرُدَّهَا؛ وَهَذَا مَعْنًى بَلِيغٌ. "