للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُوصَفُ بِنَفْيِ الْإِحَاطَةِ بِهِ مَعَ إثْبَاتِ الرُّؤْيَةِ. وَهَذَا مُمْتَنِعٌ عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ فَإِنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ بِزَعْمِهِمْ فِيمَا يَنْقَسِمُ فَيُرَى بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ. فَتَكُونُ هُنَاكَ رُؤْيَةٌ بِلَا إدْرَاكٍ وَإِحَاطَةٍ وَعِنْدَهُمْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُرَى إلَّا رُؤْيَةً وَاحِدَةً مُتَمَاثِلَةً كَمَا يَقُولُونَهُ فِي كَلَامِهِ: إنَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا يَتَبَعَّضُ وَلَا يَتَعَدَّدُ. وَفِي الْإِيمَانِ بِهِ. إنَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ. وَأَمَّا الْإِدْرَاكُ وَالْإِحَاطَةُ الزَّائِدُ عَلَى مُطْلَقِ الرُّؤْيَةِ فَلَيْسَ انْتِفَاؤُهُ لِعَظَمَةِ الرَّبِّ عِنْدَهُمْ بَلْ لِأَنَّ ذَاتَه لَا تَقْبَلُ ذَاكَ كَمَا قَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ: إنَّهَا لَا تَقْبَلُ الرُّؤْيَةَ. وَأَيْضًا فَهُمْ وَالْمُعْتَزِلَةُ لَا يُرِيدُونَ أَنْ يَجْعَلُوا لِلْأَبْصَارِ إدْرَاكًا غَيْرَ الرُّؤْيَةِ. سَوَاءٌ أُثْبِتَتْ الرُّؤْيَةُ أَوْ نُفِيَتْ. فَإِنَّ هَذَا يُبْطِلُ قَوْلَ الْمُعْتَزِلَةِ بِنَفْيِ الرُّؤْيَةِ وَيُبْطِلُ قَوْلَ هَؤُلَاءِ بِإِثْبَاتِ رُؤْيَةٍ بِلَا مُعَايَنَةٍ وَمُوَاجَهَةٍ.

فَصْلٌ:

هَذَا مَعَ أَنَّ ابْنَ فورك هُوَ مِمَّنْ يُثْبِتُ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةَ كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَكَذَلِكَ الْمَجِيءُ وَالْإِتْيَانُ. مُوَافَقَةً لِأَبِي الْحَسَنِ فَإِنَّ هَذَا قَوْلُهُ وَقَوْلُ مُتَقَدِّمِي أَصْحَابِهِ.