للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عبادة بْنِ الصَّامِتِ قَالَ " يُجَاءُ بِالدُّنْيَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ: مَيِّزُوا مَا كَانَ لِلَّهِ مِنْهَا. قَالَ: فَيُمَازُ مَا كَانَ لِلَّهِ مِنْهَا ثُمَّ يُؤْمَرُ بِسَائِرِهَا فَيُلْقَى فِي النَّارِ ". وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مَا يَعُمُّ. فَفِي تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ عَنْ الْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ " أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ فَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا. فَقَالَ: أَسْأَلُك بِوَجْهِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ. كَذَبْت لَيْسَ بِوَجْهِ اللَّهِ سَأَلْتنِي إنَّمَا وَجْهُ اللَّهِ الْحَقُّ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلَّا وَجْهَهُ} يَعْنِي الْحَقَّ - وَلَكِنْ سَأَلْتنِي بِوَجْهِك الْخَلَقِ " وَعَنْ مُجَاهِدٍ " إلَّا هُوَ " وَعَنْ الضَّحَّاكِ " كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلَّا اللَّهَ وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَالْعَرْشَ " وَعَنْ ابْنِ كيسان " إلَّا مُلْكَهُ ". وَذَلِكَ أَنَّ لَفْظَ " الْوَجْهِ " يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَصْلِ مِثْلَ الْجِهَةِ كَالْوَعْدِ وَالْعِدَةِ وَالْوَزْنِ وَالزِّنَةِ وَالْوَصْلِ وَالصِّلَةِ وَالْوَسْمِ وَالسِّمَةِ لَكِنْ فِعْلُهُ حُذِفَتْ فَاؤُهَا وَهِيَ أَخَصُّ مِنْ الْفِعْلِ كَالْأَكْلِ وَالْإِكْلَةِ. فَيَكُونُ مَصْدَرًا بِمَعْنَى التَّوَجُّهِ وَالْقَصْدِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ذَنْبًا لَسْت مُحْصِيهِ رَبَّ الْعِبَادِ إلَيْهِ الْوَجْهُ وَالْعَمَلُ ثُمَّ إنَّهُ يُسَمَّى بِهِ الْمَفْعُولُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ الْمُتَوَجَّهُ إلَيْهِ كَمَا فِي اسْمِ الْخَلْقِ وَدِرْهَمِ ضَرْبِ الْأَمِيرِ وَنَظَائِرِهِ وَيُسَمَّى بِهِ الْفَاعِلُ الْمُتَوَجَّهُ كَوَجْهِ الْحَيَوَانِ يُقَالُ: أَرَدْت هَذَا الْوَجْهَ أَيْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَالنَّاحِيَةِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ