للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَذِهِ السُّورَةِ إنْعَامَهُ عَلَى عِبَادِهِ وَتُسَمَّى " سُورَةُ النِّعَمِ " فَذَكَرَ فِي أَوَّلِهَا أُصُولَ النِّعَمِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا وَلَا تَقُومُ الْحَيَاةُ إلَّا بِهَا وَذَكَرَ فِي أَثْنَائِهَا تَمَامَ النِّعَمِ. وَكَانَ مَا يَقِي الْبَرْدَ مِنْ أُصُولِ النِّعَمِ فَذَكَرَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ فِي قَوْلِهِ {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ} . فَالدِّفْءُ مَا يُدْفِئُ وَيَدْفَعُ الْبَرْدَ. وَالْبَرْدُ الشَّدِيدُ يُوجِبُ الْمَوْتَ بِخِلَافِ الْحَرِّ. فَقَدْ مَاتَ خَلْقٌ مِنْ الْبَرْدِ بِخِلَافِ الْحَرِّ فَإِنَّ الْمَوْتَ مِنْهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ. وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ الْبَرْدُ بُؤْسٌ وَالْحَرُّ أَذًى. فَلَمَّا ذَكَرَ فِي أَثْنَائِهَا تَمَامَ النِّعَمِ ذَكَرَ الظِّلَالَ وَمَا يَقِي الْحَرَّ وَذَكَرَ الْأَسْلِحَةَ وَمَا يَقِي الْقَتْلَ فَقَالَ: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ} . فَذَكَرَ أَنَّهُ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ فَقَالَ: {كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ} . وَفَرْقٌ بَيْنَ الظِّلَالِ وَالْأَكْنَانِ؛ فَإِنَّ الظِّلَالَ يَكُونُ بِالشَّجَرِ