للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِي ذَلِكَ لِلَّهِ حِكَمٌ وَمَنَافِعُ هِيَ نِعَمٌ عَلَى عِبَادِهِ. فَكُلُّ مَا يَقْضِيهِ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ مِنْ نِعْمَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ: وَلِهَذَا يَقُولُ عَقِبَ تَعْدِيدِ مَا يَذْكُرُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} وَلَمَّا ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ فِي سُورَةِ النَّجْمِ وَذَكَرَ إهْلَاكَ مُكَذِّبِي الرُّسُلِ قَالَ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى} فَإِهْلَاكُهُمْ مِنْ آلَاءِ رَبِّنَا. وَآلَاؤُهُ نِعَمُهُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى رَحْمَتِهِ وَعَلَى حِكْمَتِهِ وَعَلَى مَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَمِنْ نَفْعِ تَذْكِيرِ الَّذِي يَتَجَنَّبُهَا أَنَّهُ لَمَّا قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ وَاسْتَحَقَّ الْعَذَابَ خَفَّ بِذَلِكَ شَرٌّ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّ اللَّهَ يُهْلِكُهُمْ بِعَذَابِ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِيهِمْ. وَبِهَلَاكِهِ يَنْتَصِرُ الْإِيمَانُ وَيَنْتَشِرُ وَيَعْتَبِرُ بِهِ غَيْرُهُ وَذَلِكَ نَفْعٌ عَظِيمٌ. وَهُوَ أَيْضًا يَتَعَجَّلُ مَوْتَهُ فَيَكُونُ أَقَلَّ لِكُفْرِهِ. فَإِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ مُحَمَّدًا رَحْمَةً لِلْعَالِمِينَ فَبِهِ تَصِلُ الرَّحْمَةُ إلَى كُلِّ أَحَدٍ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الَّذِي يَتَجَنَّبُهَا بِتَجَنُّبِهِ اسْتَحَقَّ هَذَا الْوَعِيدَ الْمَذْكُورَ فَصَارَ ذَلِكَ تَحْذِيرًا لِغَيْرِهِ مِنْ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِ. قَالَ تَعَالَى: {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا} وَقَالَ تَعَالَى عَنْ فِرْعَوْنَ: {فَجَعَلْنَاهُمْ