للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا كَقَوْلِهِ فِي النَّوْعِ الْمَذْمُومِ: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إلَّا الْفَاسِقِينَ} {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} وَلَا يَجِبَ أَنْ يَكُونُوا فَاسِقِينَ قَبْلَ ضَلَالِهِمْ؛ بَلْ مَنْ سَمِعَهُ فَكَذَّبَ بِهِ صَارَ فَاسِقًا وَضَلَّ. وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَغَيْرُهُ أَدْخَلُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَهْلَ الْأَهْوَاءِ كَالْخَوَارِجِ. وَكَانَ سَعْدٌ يَقُولُ: هُمْ مِنْ {الْفَاسِقِينَ} {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} وَلَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ وَسَعْدٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ يُكَفِّرُونَهُمْ. وَسَعْدٌ أَدْخَلَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِقَوْلِهِ: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إلَّا الْفَاسِقِينَ} وَهْم ضَلُّوا بِهِ بِسَبَبِ تَحْرِيفِهِمْ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَتَأْوِيلِهِ عَلَى غَيْرِ مَا أَرَادَ اللَّهُ. فَتَمَسَّكُوا بِمُتَشَابِهِهِ وَأَعْرَضُوا عَنْ مُحْكَمِهِ وَعَنْ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ الَّتِي تُبَيِّنُ مُرَادَ اللَّهِ بِكِتَابِهِ. فَخَالَفُوا السُّنَّةَ وَإِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ مَعَ مَا خَالَفُوهُ مِنْ مُحْكَمِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. وَلِهَذَا أَدْخَلَهُمْ كَثِيرٌ مِنْ السَّلَفِ فِي الَّذِينَ {يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} {الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} وَبَسْطُ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ. وَالْمَقْصُودُ الْآيَةُ وَقَدْ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ يَخْشَى فَلَا بُدَّ أَنْ