للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الِافْتِرَاقِ وَالِاخْتِلَافِ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَغَيْرِهَا. وَهَذَا مِنْ ذَلِكَ. فَإِنَّهُمْ اشْتَرَكُوا فِي أَنَّ كَوْنَ الرَّبِّ خَالِقًا لِفِعْلِ الْعَبْدِ يُنَافِي كَوْنَ فِعْلِهِ مُنْقَسِمًا إلَى حَسَنٍ وَقَبِيحٍ. وَهَذِهِ الْمُقَدِّمَةُ اشْتَرَكُوا فِيهَا جَدَلًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ حَقًّا فِي نَفْسِهَا أَوْ عَلَيْهَا حُجَّةٌ مُسْتَقِيمَةٌ. وَهِيَ إحْدَى الْمُقَدِّمَتَيْنِ الَّتِي يَعْتَمِدُهَا الرَّازِي فِي مَسْأَلَةِ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ. فَإِنَّهُ اعْتَقَدَ فِي " مَحْصُولِهِ " وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ مَجْبُورٌ عَلَى فِعْلِهِ وَالْمَجْبُورُ لَا يَكُونُ فِعْلُهُ قَبِيحًا فَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ قَبِيحًا. وَهَذِهِ الْحُجَّةُ بِنَفْيٍ ذَلِكَ أَصْلُهَا حُجَّةُ الْمُشْرِكِينَ الْمُكَذِّبِينَ لِلرُّسُلِ الَّذِينَ قَالُوا {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} فَإِنَّهُمْ نَفَوْا قُبْحَ الشِّرْكِ وَتَحْرِيمَ مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ مِنْ الطَّيِّبَاتِ بِإِثْبَاتِ الْقَدَرِ. لَكِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَحْتَجُّونَ بِالْجَبْرِ عَلَى نَفْيِ الْأَحْكَامِ إذَا أَقَرُّوا بِالشَّرْعِ لَمْ يَكُونُوا مِثْلَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ الْمُتَكَلِّمُونَ الْمُقِرُّونَ بِالشَّرِيعَةِ كَالْمُشْرِكِينَ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ جُزْءٌ مِنْ بَاطِلٍ الْمُشْرِكِينَ. لَكِنْ يُوجَدُ فِي الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْمُتَصَوِّفَةِ طَوَائِفُ يَغْلِبُ عَلَيْهِمْ الْجَبْرُ حَتَّى