للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: {ثُمَّ عَزَمَ اللَّهُ لِي} . وَكَذَلِكَ فِي خُطْبَةِ مُسْلِمٍ: {فَعَزَمَ لِي} . وَسَوَاءٌ سُمِّيَ " عَزْمًا " أَوْ لَمْ يُسَمَّ فَهُوَ سُبْحَانَهُ إذَا قَدَّرَهَا عَلِمَ أَنَّهُ سَيَفْعَلُهَا فِي وَقْتِهَا وَأَرَادَ أَنْ يَفْعَلَهَا فِي وَقْتِهَا. فَإِذَا جَاءَ الْوَقْتُ فَلَا بُدَّ مِنْ إرَادَةِ الْفِعْلِ الْمُعَيَّنِ وَنَفْسِ الْفِعْلِ وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ بِمَا يَفْعَلُهُ. ثُمَّ الْكَلَامُ فِي عِلْمِهِ بِمَا يَفْعَلُهُ هَلْ هُوَ الْعِلْمُ الْمُتَقَدِّمُ بِمَا سَيَفْعَلُهُ وَعِلْمُهُ بِأَنَّ قَدْ فَعَلَهُ هَلْ هُوَ الْأَوَّلُ فِيهِ قَوْلَانِ مَعْرُوفَانِ. وَالْعَقْلُ وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْرٌ زَائِدٌ كَمَا قَالَ {لِنَعْلَمَ} فِي بِضْعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إلَّا لِنَرَى. وَحِينَئِذٍ فَإِرَادَةُ الْمُعَيَّنِ تَتَرَجَّحُ لِعِلْمِهِ بِمَا فِي الْمُعَيَّنِ مِنْ الْمَعْنَى الْمُرَجِّحِ لِإِرَادَتِهِ. فَالْإِرَادَةُ تَتْبَعُ الْعِلْمَ. وَكَوْنُ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ مُتَّصِفًا بِتِلْكَ الصِّفَاتِ الْمُرَجَّحَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْعِلْمِ وَالتَّصَوُّرِ لَيْسَ فِي الْخَارِجِ شَيْءٌ. وَمِنْ هُنَا غَلِطَ مَنْ قَالَ " الْمَعْدُومُ شَيْءٌ " حَيْثُ أَثْبَتُوا ذَلِكَ الْمُرَادَ فِي الْخَارِجِ. وَمَنْ لَمْ يُثْبِتْهُ شَيْئًا فِي الْعِلْمِ أَوْ كَانَ لَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا إرَادَةٌ