للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَكَذَلِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَمْ يَكُنْ لِيَتْرُكَهُمْ حَتَّى يَبْعَثَ إلَيْهِمْ الرَّسُولَ بِالْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ. فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} . وَهُمْ إذَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَةُ مِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْفُرُ. وَإِذَا قِيلَ: إنَّ الْآيَةَ تَتَضَمَّنُ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْآخَرِ وَهُوَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا لِيَهْتَدُوا وَيَعْرِفُوا الْحَقَّ وَيُؤْمِنُوا حَتَّى تَأْتِيَهُمْ الْبَيِّنَةُ إذْ لَا طَرِيقَ لَهُمْ إلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ إلَّا بِرَسُولِ يَأْتِي مِنْ اللَّهِ أَيْضًا؛ أَوَلَمْ يَكُونُوا مُنْتَهِينَ مُتَّعِظِينَ وَإِنْ عَرَفُوا الْحَقَّ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ مِنْ اللَّهِ مَنْ يُذَكِّرُهُمْ؛ فَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُنَاقِضُ ذَاكَ. بِخِلَافِ قَوْلِ مَنْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ الْمُشْرِكُونَ وَأَهْلُ الْكِتَابِ تَارِكِينَ لِمَعْرِفَةِ مُحَمَّدٍ وَلِذِكْرِهِ وَلَمْ يَكُونُوا مُتَفَرِّقِينَ فِيهِ بَلْ مُتَّفِقِينَ عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ حَتَّى جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَةُ فَتَرَكُوا الْإِيمَانَ بِهِ وَتَفَرَّقُوا. فَإِنَّ هَذَا غَيْرُ مُرَادٍ قَطْعًا. وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ قَوْلُهُ {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} وَلَمْ يَقُلْ " حَتَّى أَتَتْهُمْ " وَأُولَئِكَ لَمَّا لَمْ يَفْهَمُوا مَعْنَى الْآيَةِ ظَنُّوا أَنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعَ الْمَاضِي وَأَنَّ الْمُرَادَ: مَا انْفَكُّوا عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ إمَّا مِنْ كُفْرٍ وَإِمَّا مِنْ إيمَانٍ حَتَّى أَتَتْهُمْ الْبَيِّنَةُ. فَلَمَّا قِيلَ {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ