للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَسَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إلَّا وَاحِدَةً} ". وَقَدْ بُسِطَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَبُيِّنَ فِيهِ حَالُ الْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ الَّذِينَ هُمْ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ. وَمِمَّا يُوَضِّحُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَهُ {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} مَعْنَاهُ الْمَعْبُودُ. وَلَكِنْ هُوَ لَفْظٌ مُطْلَقٌ يَتَنَاوَلُ الْوَاحِدَ وَالْكَثِيرَ وَالْمُذَكَّرَ وَالْمُؤَنَّثَ. فَهُوَ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَعْبُودٍ لَهُمْ. وَالْمَعْبُودُ هُوَ الْإِلَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا أَعْبُدُ إلَهَكُمْ وَلَا تَعْبُدُونَ إلَهِي كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي قِصَّةِ يَعْقُوبَ. قَالَ تَعَالَى {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} وَاسْمُ الْإِلَهِ وَالْمَعْبُودِ يَتَضَمَّنُ إضَافَةً إلَى الْعَابِدِ. وَقَالَ: {إلَهَ آبَائِكَ إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} هُوَ الَّذِي يَعْبُدُهُ هَؤُلَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَيُؤَلِّهُونَهُ. وَإِنَّمَا يَعْبُدُهُ مَنْ كَانَ عَلَى مِلَّتِهِمْ كَمَا قَالَ يُوسُفُ {إنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إبْرَاهِيمَ