للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَطَائِفَةٌ تَقُولُ: هَذَا إنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَنْ وَافَى الْقِيَامَةَ بِالْإِيمَانِ. فَاسْمُ الْمُؤْمِنِ عِنْدَهُمْ إنَّمَا هُوَ لِمَنْ مَاتَ مُؤْمِنًا. فَأَمَّا مَنْ آمَنَ ثُمَّ ارْتَدَّ فَذَاكَ لَيْسَ عِنْدَهُمْ بِإِيمَانِ. وَهَذَا اخْتِيَارُ الْأَشْعَرِيِّ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد وَغَيْرِهِمْ. وَهَكَذَا يُقَالُ: الْكَافِرُ مَنْ مَاتَ كَافِرًا. وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إنَّ حُبَّ اللَّهِ وَبُغْضَهُ وَرِضَاهُ وَسَخَطَهُ وَوِلَايَتَهُ وَعَدَاوَتَهُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُوَافَاةِ فَقَطْ. فَاَللَّهُ يُحِبُّ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَمُوتُ مُؤْمِنًا. وَيَرْضَى عَنْهُ وَيُوَالِيهِ بِحُبِّ قَدِيمٍ وَمُوَالَاةٍ قَدِيمَةٍ. وَيَقُولُونَ: إنَّ عُمَرَ حَالَ كُفْرِهِ كَانَ وَلِيًّا لِلَّهِ. وَهَذَا الْقَوْلُ مَعْرُوفٌ عَنْ ابْنِ كِلَابٍ وَمَنْ تَبِعَهُ كَالْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِ. وَأَكْثَرُ الطَّوَائِفِ يُخَالِفُونَهُ فِي هَذَا فَيَقُولُونَ: بَلْ قَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ عَدُوًّا لِلَّهِ ثُمَّ يَصِيرُ وَلِيًّا لِلَّهِ وَيَكُونُ اللَّهُ يُبْغِضُهُ ثُمَّ يُحِبُّهُ. وَهَذَا مَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ وَالْعَامَّةِ. وَهُوَ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ والكَرَّامِيَة وَالْحَنَفِيَّةِ قَاطِبَةً وَقُدَمَاءِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ. وَعَلَى هَذَا يَدُلُّ الْقُرْآنُ كَقَوْلِهِ {قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} . وَقَوْلُهُ {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا