للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَوْلُهُ فِي الْقُرْآنِ {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} هُوَ مِنْ هَذَا. إنَّمَا يَهْتَدِي مَنْ يَقْبَلُ الِاهْتِدَاءَ وَهُمْ الْمُتَّقُونَ لَا كُلَّ أَحَدٍ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ كَانُوا مُتَّقِينَ قَبْلَ اهْتِدَائِهِمْ بَلْ قَدْ يَكُونُوا كُفَّارًا. لَكِنْ إنَّمَا يَهْتَدِي بِهِ مِنْ كَانَ مُتَّقِيًا. فَمَنْ اتَّقَى اللَّهَ اهْتَدَى بِالْقُرْآنِ. وَالْعِلْمُ وَالْإِنْذَارُ إنَّمَا يَكُونُ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْقُرْآنُ. وَهَكَذَا قَوْلُهُ {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا} الْإِنْذَارَ التَّامَّ فَإِنَّ الْحَيَّ يَقْبَلُهُ. وَلِهَذَا قَالَ {وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} فَهُمْ لَمْ يَقْبَلُوا الْإِنْذَارَ. وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ {إنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا} . وَعَكْسُهُ قَوْلُهُ {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إلَّا الْفَاسِقِينَ} أَيْ كُلُّ مَنْ ضَلَّ بِهِ فَهُوَ فَاسِقٌ. فَهُوَ ذَمٌّ لِمَنْ يَضِلُّ بِهِ فَإِنَّهُ فَاسِقٌ. لَيْسَ أَنَّهُ كَانَ فَاسِقًا قَبْلَ ذَلِكَ. وَلِهَذَا تَأَوَّلَهَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الْخَوَارِجِ وَسَمَّاهُمْ " فَاسِقِينَ " لِأَنَّهُمْ ضَلُّوا بِالْقُرْآنِ. فَمَنْ ضَلَّ بِالْقُرْآنِ فَهُوَ فَاسِقٌ. فَقَوْلُهُ {إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} مِنْ هَذَا الْبَابِ. وَالتَّقْدِيرُ: مَنْ خَتَمَ عَلَى قَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ غِشَاوَةً فَسَوَاءٌ عَلَيْك أَنْذَرْته أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُ هُوَ لَا يُؤْمِنُ أَيْ مَا دَامَ كَذَلِكَ.