للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَيْنِ الْمَعْبُودِ. وَلَيْسَ إذَا لَمْ يَعْبُدْ مَا يَعْبُدُونَ مُتَبَرِّئًا مِنْهُ وَمُعَادِيًا لَهُ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ. بَلْ هُوَ تَارِكٌ لِعِبَادَةِ مَا يَعْبُدُونَ. وَهَذَا يَتَبَيَّنُ بِالْوَجْهِ الرَّابِعِ: وَهُوَ قَوْلُهُ {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} نَفَى عَنْهُمْ عِبَادَةَ مَعْبُودِهِ. فَهُمْ إذَا عَبَدُوا اللَّهَ مُشْرِكِينَ بِهِ لَمْ يَكُونُوا عَابِدِينَ مَعْبُودَهُ. وَكَذَلِكَ هُوَ إذَا عَبَدَهُ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ لَمْ يَكُنْ عَابِدًا مَعْبُودَهُمْ. الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّهُمْ لَوْ عَيَّنُوا اللَّهَ بِمَا لَيْسَ هُوَ اللَّهُ وَقَصَدُوا عِبَادَةَ اللَّهَ مُعْتَقِدِينَ أَنَّ هَذَا هُوَ اللَّهُ كَاَلَّذِينَ عَبَدُوا الْعِجْلَ وَاَلَّذِينَ عَبَدُوا الْمَسِيحَ وَاَلَّذِينَ يَعْبُدُونَ الدَّجَّالَ وَاَلَّذِينَ يَعْبُدُونَ مَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُنْيَاهُمْ وَهَوَاهُمْ وَمَنْ عَبَدَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَهُمْ عِنْدَ نُفُوسِهِمْ إنَّمَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ لَكِنَّ هَذَا الْمَعْبُودَ الَّذِي لَهُمْ لَيْسَ هُوَ اللَّهَ. فَإِذَا قَالَ {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} كَانَ مُتَبَرِّئًا مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَعْبُودِينَ وَإِنْ كَانَ مَقْصُودُ الْعَابِدِينَ هُوَ اللَّهُ. الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّهُمْ إذَا وَصَفُوا اللَّهَ بِمَا هُوَ بَرِيءٌ مِنْهُ كَالصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ وَالشَّرِيكِ وَأَنَّهُ فَقِيرٌ أَوْ بَخِيلٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ وَعَبَدُوهُ كَذَلِكَ. فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ الْمَعْبُودِ الَّذِي لِهَؤُلَاءِ. فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ هُوَ اللَّهَ